
حدثت أحداث كثيرة سنة 287هـ في عهد الخليفة المعتضد، لكن أشهر ما حدث هو انتشار جماعة القرامطة وازدياد خطرهم. فماذا يقول التراث الإسلامي؟
يقول كتاب «البداية والنهاية» للحافظ ابن كثير تحت عنوان «ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائتين»:
وفي ربيع الأول ساءت أحوال القرامطة برفقة أبو سعيد الجنابي. قتلوا وسبوا وأفسدوا في بلاد الهجرة. فجهز الخليفة ضدهم جيشا كثيفا، وأمر العباس بن عمرو الغنوي بالهجوم عليهم. وأمره أن يهاجم اليمامة والبحرين لقتال أبا سعيد هذا، فاجتمعوا هناك.
وكان للعباس عشرة آلاف مقاتل، فأسرهم أبو سعيد جميعا، ولم ينج إلا الأمير. فقُتل الباقون حتى صبر آخرهم أمامه قبحه الله.
وهذا غريب جداً، وهو عكس حادثة عمرو بن الليث، فقد أسر من أصحابه وحده، ونجا منهم كلهم، وكانوا خمسين ألفاً.
ويقال: لما قتل العباس أبا سعيد، انتظر أصحابه بين يديه وهو ينظر، وكان من الأسرى. فلبث عند أبي سعيد أياما ثم أطلقه فحمله على المرابط فقال:
ارجع إلى صديقك وأخبره بما رأيت.
ووقعت هذه الحادثة في أواخر شعبان، وعندما حدث هذا الأمر الفظيع، انزعج الناس بشدة، وقرر أهل البصرة تركها، إلا أن وكيلها أحمد الواثقي منعهم من ذلك.
وفيه: أغار الروم على بلاد طرسوس، وكان وكيلها ابن الأخشيد قد توفي في العام السابق، وعين أبا ثابت خلفًا له على الحدود. وطمع الرومان في تلك المنطقة، فحشدوا جنودهم. فلقيهم أبو ثابت ولم يتمكن من مقاومتهم، فقتلوا جماعة من أصحابه، وأسروه فيمن أسروا. فاجتمع أهل الثغر على ابن الأعرابي ووكلوه أمرهم، وكان ذلك في ربيع الآخر.
وكان هناك قتل:
محمد بن زيد العلوي
أمير طبرستان والديلم، وكان سبب ذلك: لما استولى إسماعيل السمعاني على عمرو بن الليث، ظن محمد أن إسماعيل لن يتم عمله، وأن خراسان قد خلت له، فخرج من بلاده يريد خراسان، وسبقه إسماعيل إلى هناك، وكتب إليه:
التزم بعملك ولا تنقله إلى أي شيء آخر.
فلم يقبل، فبعث إليه جيشا معه محمد بن هارون يقوم نيابة عن رافع بن حرثمة. ولما التقيا هرب منه محمد بن هارون مكرًا، فتبعه الجيش في مطاردته. فقرر التراجع عنهم، فهزموا منه، فأخذ ما في معسكرهم، وأصيب محمد بن زيد بجراح بالغة. ومات بسببها بعد أيام قليلة، وأسر ابنه زيد وأرسل إلى إسماعيل بن أحمد، فأكرمه وأمر له بأجر.
وكان محمد بن زيد هذا فاضلا في الدين، حسن السيرة في البلاد التي يحكمها، وكان شيعيا هناك.
وبعد يومين جاءه خصمان أحدهما اسمه: معاوية، والآخر اسمه: علي، فقال محمد بن زيد: الحكم بينكما واضح.
فقال معاوية: أيها الأمير، لا تغرنا، فإن أبي كان من أعلام الشيعة، ولكنه لم يسمني معاوية إلا مجاملة لأهل السنة في بلادنا.
وكان والد هذا الرجل من أبرز النواصب، فسماه: علي، تقي لك.
فتبسم محمد بن زيد وأحسن إليهم.
قال ابن الأثير في (كاملة): وممن مات هناك: إسحاق بن يعقوب بن عمر بن الخطاب العدوي – عدي ربيعة -.
وكان أمير أراضي ربيعة بالجزيرة، وقام مقامه عبد الله بن الهيثم بن عبد الله بن المعتمر.
وعلي بن عبد العزيز البغوي صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام.
ومهدي بن أحمد بن مهدي الأزدي الموصلي – وهو من الأعيان – وذكر أبو الفرج بن الجوزي أن قطر الندى بنت خمارويه بن أحمد بن طولون زوجة المعتضد. ، توفي هذا العام.
قال ابن الجوزي: ودفنت سبعة أيام من رجب داخل القصر بالرصافة.
وسمع يعقوب بن يوسف بن أيوب أبو بكر المطوع من أحمد بن حنبل وعلي بن المديني والنجاد والخالدي، وكان يقرأ قل هو الله واحدة في كل يوم إحدى وثلاثين ألف مرة، أو واحد وأربعين ألف مرة.