
في جميع المباريات، تتجه أنظار الجماهير نحو حكام الساحة الذين يديرون المباراة. وهم العين الساهرة التي تحافظ على عدالة المنافسة وتضمن سير المباراة بروح رياضية. ورغم أن نجوم كرة القدم عادة ما يسرقون الأضواء، إلا أن الحكم يظل هو العقل المدبر في الملعب، يقف بين اللاعبين بصلابة واتزان، ويمسك بزمام المباراة بحزم وعدالة. الحكم ليس مجرد صافرة إنذار، بل هو قائد يقرأ تفاصيل المباراة ويوازن بين حماسة الجماهير وعواطف اللاعبين.
ويبقى السؤال: حكام الملاعب يشجعون من؟ هل تؤثر توجهاتهم الانتماءية نحو الأندية على سير التحكيم؟
وردا على السؤال قال طلال محمد الناشري المستشار الاجتماعي والمهتم بالشأن الرياضي لـ«عكاظ»:
ومهما كانت ميول حكام الملاعب الرياضية، وتحديدا في عالم كرة القدم، ودعمهم للأندية مثل بقية الجماهير، فإنهم يظلون مسؤولين عن تطبيق قوانين اللعبة بشكل محايد وضمان سير المنافسة الرياضية بشكل صحيح وآمن داخل المستطيل الأخضر. ويقتصر دورهم على قيادة المباراة وفق القواعد المحددة، دون أي اعتبار لميولهم أو انتمائهم لفريق معين. وفي يوم مباراة فريقهم المفضل يكون الحكام محايدين وغير منحازين لأي طرف. وهم مطالبون بتطبيق القوانين. ويستشهد النشري بالتصريح الناري الذي أطلقه الحكم الدولي الإسباني السابق إدواردو إيتورالدي غونزاليس، في وقت سابق، حول الحكام الذين يديرون المباريات المحلية، حيث قال إن معظم الحكام في إسبانيا يدعمون ريال مدريد بنسبة 90% مقابل 10% لبرشلونة، لكنهم لا يفصحون عن ذلك، إذ المطلوب منهم الحزم والعدالة والصدق والأمانة، وهناك ضوابط وقوانين رياضية يجب عليهم الالتزام بها. كما أن الحكام لا يأتون من المريخ. يدخلون مجال التحكيم لأنهم يحبون كرة القدم ولديهم ميول مشجعة كغيرهم من عشاق الرياضة.
وتابع الناشري: هناك بعض النقاط المهمة في هذا الجانب وهي: أن معظم الحكام الرياضيين في العالم قد يكونون من مشجعي فريق ما قبل أن يدخلوا مهنة التحكيم، وهذا أمر طبيعي، وبمجرد أن يصبح الشخص حكماً رسمياً يطلب منه أن يضع ميوله جانباً، وألا يعلنها أو يتصرف بطريقة توحي بتفضيل فريق على آخر، وإذا كشف الحكم عن ميوله أو أظهرها علناً فإنه قد يتعرض لعقوبات شديدة. انتقادات أو حتى عقوبات من اتحاد كرة القدم الذي تنتمي إليه؛ لأن ذلك يثير الشكوك حول نزاهة قراراته على أرض الملعب، كما تمنع بعض الاتحادات الحكام من إدارة مباريات فرق من مدينتهم أو فرق معروف أنها دعمتها سابقا، وذلك لتجنب أي تضارب في المصالح. الحكم إنسان، وقد تكون له ميول، لكن من المفترض أن تبقى سرا، ولا يكشفها بأي شكل من الأشكال. لأنه يؤثر على مصداقيته.
واختتم الناشري حديثه قائلا: دور الحكم لا يقتصر على الصافرة والأوراق. بل له لغة خاصة ينقل رسائله دون كلمات. قد تكون إشارة اليد أو حركة الرأس أو حتى النظرة الحاسمة كافية لفرض النظام على أرض الملعب. فالثقة التي ينقلها الحكم من خلال لغة جسده تعكس هيبته، وتمنح قراراته قوة مضاعفة، وتشعر اللاعبين بأن العدالة موجودة، حتى قبل أن ترفع البطاقة. إنها اللغة الصامتة التي لا يتقنها إلا القاضي النزيه ذو الخبرة.
أخبار ذات صلة