هل تعصف العقوبات الأمريكية بالانتخابات العراقية ؟

في لحظة مفصلية ووقت مهم، قبل نحو شهر من الانتخابات التشريعية العراقية المقرر إجراؤها في 10 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ألقت العقوبات الأميركية بظلالها على المشهد السياسي برمته بعد أن أدرجت وزارة الخزانة على قائمة العقوبات قائمة تضم كيانات وشخصيات وشركات عراقية وفصائل تابعة لقوات الحشد الشعبي، وفصائل أخرى مرتبطة بالخارج.

ووجهت الخارجية الأميركية، في 9 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، اتهامات مباشرة لعدد من الأفراد والكيانات بأنهم واجهات لقوات الحشد الشعبي وفصائل أيديولوجية مرتبطة عضويا بالخارج، وتعمل بشكل ممنهج للتحايل على العقوبات المفروضة على إيران وتمكينها من الحصول على ملايين الدولارات.

رسالة سياسية

ولم تكن هذه الخطوة مجرد إجراء مالي، لدرجة أن الشارع العراقي يعتبرها رسالة سياسية أكدتها السفارة الأمريكية في بغداد، والتي نشرت بيانا توضيحيا بشأن

ولم يترك البيان مجالاً للشك عندما حدد بالاسم مجموعتين فاعلتين في العراق، هما «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق»، ووصفهما صراحةً بأنهما «جماعات مسلحة تقوض فعلياً سيادة العراق، وتضعف اقتصاده، وتشن هجمات ضد أفراد ومصالح أميركية في جميع أنحاء الشرق الأوسط»، وهو ما يمثل نقلة نوعية في الخطاب الأميركي من التلميح إلى البيان المباشر.

الخطر الحقيقي لهذه العقوبات يكمن في توقيتها الذي يتزامن مع العد التنازلي للانتخابات وأهمية الأهداف التي تؤثر عليها. وهي لا تستهدف كيانات هامشية يمكن تجاهلها، بل تؤثر على أفراد وفصائل تعتبر لاعبين مركزيين في هيكل السلطة ومؤسسات الدولة العراقية. والعديد من الشخصيات الخاضعة للعقوبات ليسوا مجرد مرشحين للبرلمان، بل يشملون قادة سياسيين.

كما أن بعض الفصائل المستهدفة لديها أحزاب سياسية تتمتع بالتمثيل البرلماني الحالي، بل وتتولى حقائب وزارية سيادية في حكومة محمد شياع السوداني، وتستعد لدفع عشرات المرشحين إلى البرلمان.

الدفعة الأولى من العقوبات

ومما يزيد الوضع تعقيداً تسريبات تشير إلى أن قائمة العقوبات هذه ليست سوى الدفعة الأولى، وأن العقوبات الجديدة قد تطال أطرافاً أخرى متهمة بنفس الارتباطات أو الأدوار.

وفي ظل هذه التطورات المتسارعة التي تضع الحكومة العراقية في موقف لا تحسد عليه، ومع بقاء شهر على عمرها الدستوري، ينشغل الشارع العراقي بالمزيد من الأسئلة، ليس أقلها مسألة ما إذا كانت الانتخابات ستجرى أصلا في موعدها بمشاركة جهات مصنفة إرهابية من قبل دولة عظمى.

وإذا حدث ذلك بالفعل وتمكنت هذه الأحزاب من الفوز بمقاعد، فهل سيعترف العالم بشرعية برلمان وحكومة يشارك فيها الأفراد الخاضعون للعقوبات الدولية؟ أم أن الأزمة ستفرض التأجيل كأمر واقع قد يضع العراق في فراغ دستوري خطير؟

فهل سيتجه العراق نحو حلول استثنائية مثل تشكيل حكومة طوارئ وهو الخيار الذي لوح به رئيس مجلس النواب الحالي محمود المشهداني باعتباره طوق نجاة محتمل؟ أم أن المشهد برمته مفتوح على سيناريوهات أكثر قتامة وعنفا، مثل التظاهرات الحاشدة الرافضة لهذا الواقع، أو حتى الضربات الأميركية على أهداف تابعة لهذه الفصائل، مما يجعل أي عملية ديمقراطية مستحيلة؟

ويبقى السؤال الأكبر:

فهل سيجد العراق نفسه كدولة يدفع ثمن تصرفات هذه الجماعات والجهات ويواجه خطر العقوبات الاقتصادية الشاملة التي قد تعصف باقتصاده الهش؟

ومن المؤكد أن العراقيين ينتظرون بحذر وقلق شديدين ما تحمله الأيام المقبلة من أجوبة عن أسئلة وأسئلة قد تشكل مستقبل البلاد لسنوات قادمة.

أخبار ذات صلة


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى