
وكانت الكتابة المصرية القديمة في حد ذاتها أكبر عون للمصري على التميز في فن الرسم والنقش، لأن طرق كتابتها وتعدد رموزها تحتاج إلى مهارة كبيرة من الفنان. وعندما يكتبها المصري على الحجارة، يرسمها أولاً، ثم ينقشها، وكلما اقتربت علاماتها من تقليد الطبيعة، كلما زادت جمالها وجمالها. ولذلك اعتبر فناً جميلاً.
ولا شك أن أعظم مجال أظهر فيه الفنان المصري براعته في النقش والرسم، هي المشاهد التي مثلها على جدران مصاطب الدولة القديمة، وفي معابد ملوكها. بداية هذه النقوش كانت ما كتب على اللوح الذي كان يوضع أمام باب قبر المتوفى، إذ كان يقتصر عليهم في البداية. وبعد اسم صاحب القبر، بدأ يتزايد تدريجياً مع تطور نظام الأسرة الاجتماعية، حتى أصبح كله محفوراً برسومات ومناظر تمثل صاحب القبر وزوجته وعائلته. ومع نمو المعتقدات الدينية وتزايد ثروات البلاد الداخلية، أصبحت المقبرة مكونة من عدة غرف، نقشت على جدرانها رسومات ومناظر. وهي تمثل موضوعات مختلفة عن الحياة، بحسب ما جاء في موسوعة مصر القديمة للعالم الدكتور سليم حسن. كانت هذه الرسومات تهدف في البداية إلى أداء وظيفة نفعية بحتة، ولكن كلما أظهر الفنان مهارة ودقة أكبر في تصوير الأشياء على حقيقتها، أصبحت الفائدة أكثر أهمية. ولكي نصل إلى جوهر هذه الفائدة لا بد من توضيح العقيدة الدينية التي من أجلها نقشت هذه المشاهد على الجدران..
وتفسير ذلك هو أن المصري كان يعتقد أنه سيعيش حياة ثانية في قبره، وكان يعتقد أن الإنسان يتكون من عناصر مختلفة منها الجسد المادي “الزيت” ثم الرفيق وهو النفس المادية. ، وضمته إلى قبره بعد وفاته، وبها استطاع أن يعيش في قبره. يخرج منها نهارا، ويعود إليها ليلا، ومن ثم الروح المضيئة، فتصعد إلى السماء وتنضم إلى عالم الأرواح الذي تمثله النجوم القريبة من الإله “رع” إله السماء، وقد ورد ما يدل على ذلك في نصوص الأهرامات.