
ويدفع الشاعر الأنيق عبد المجيد التركي جزءاً كبيراً من ثقل الذاكرة للقارئ العربي من خلال ديوانه الأخير «كبرت كثيراً يا والدي»، متبنى شفافية السرد الشعري. للتخفيف من أعباء الطفولة، لا يتبرأ منها، ولا يرتبط بها، محاولًا التجريب في صياغة نص واحد مشبع بالصور والذكريات، منبثق من روح المكان النابض بالحياة، آخذًا من العنوان رحلةً تتضمن رسالة: اعتذار أو بشرى لوالده الراحل؛ أن يكون الأب عندما يعظ ابنه في شبابه وشبابه؛ فيسأله مستنكرًا: متى تكبر؟ ليجيب «ماجد»، كما يلقبه أصدقاؤه، على السؤال المحتمل أو الخيالي، مع مجموعته الرابعة «لقد كبرت كثيراً يا والدي».
صدرت أخيراً ديوان «كبرت يا والدي» عن دار الخليج للطباعة والنشر في الأردن، متبنية تجربة جديدة في مسيرة الشاعر، وسيرة القصيدة سعوديوم، من خلال كسر قيود القراءة قصيدة النثر، من خلال شكل جديد من الكتابة يجمع بين الشعبوية والسلاسة السردية والسياق الاجتماعي والثقافي والمضامين. الجغرافيا المحلية، بالإضافة إلى الخصوصية التي أدخلها الشاعر على نصوص الكتاب، والتي تتمثل في قدرته على التقاط المفارقات والتقاط التفاصيل الصغيرة ذات الدلالة، واستحضار الأماكن والأشخاص.
يستثمر الشاعر مناخات الحياة اليمنية بمختلف مظاهرها، ويوظفها بما يجعلها قادرة على ملامسة الضمير الجمعي. مما يجعل النص قابلاً للقراءة ومحبوباً بين القراء، يتساوى مع النخبة المتعلمة والقارئ العادي.
يقع الكتاب في 162 صفحة من الحجم المتوسط، ويتميز بخلوه من العناوين، مما يجعله نصًا واحدًا لسيرة ذاتية يستحضر أزمنة مختلفة، وكذلك أماكن الطفولة، ورائحة الأب والأم، والقرية.
يُشار إلى أن التركي سبق أن نشر «اعترافات مائية 2004م»، «كتاب الموت 2016م»، «هكذا أنا 2016م».