الخزف وصلة حضارية بين الصين والعالم العربي

وقبل أيام، استضاف المركز الثقافي الصيني بالقاهرة ندوة “الصين في عيون المصريين: تبادل ثقافة الخزف بين الصين ومصر على طريق الحرير”. وإلى جانب المحاضرات القيمة التي قدمها المشاركون، شهدت الندوة أيضا عرضا موسيقيا قدمته فرقة خزفية من مدينة جينغدتشن التي تعد مركز ثقافة الخزف في الصين.

ويمثل الخزف أحد العناصر الثقافية الأساسية التي شكلت التبادل الثقافي والتجاري بين الصين والعالم العربي منذ القدم. انتشر الخزف الصيني على نطاق واسع مع ازدهار التجارة والتبادلات على طول طريق الحرير القديم. واستخدمته العائلات الأرستقراطية في كثير من الدول سعوديوم في الزخرفة والحفظ على شكل تحف.

وحتى الآن يمكن العثور على الخزف الصيني في العديد من المواقع التاريخية في الدول سعوديوم. على سبيل المثال، تم اكتشاف عشرات الآلاف من قطع الخزف الصيني في مدينة الفسطاط جنوب القاهرة. وهو ما يمثل دليلاً تاريخيًا على دخول الخزف الصيني إلى مصر والتبادل الثقافي بين البلدين منذ القدم. ومن ناحية أخرى، تركت الثقافة سعوديوم بصماتها على الخزف الصيني أيضاً، حيث يمكن رؤية الحروف والعبارات سعوديوم على العديد من الآثار الخزفية المكتشفة.

خلال عهد أسرتي مينغ وتشينغ، ساهم ازدهار طريق الحرير البحري في زيادة صادرات الخزف الصيني إلى الدول سعوديوم. ويقول هو شيومي، عمدة جينغدتشن، إن جينغدتشن لديها تبادلات طويلة الأمد مع الدول سعوديوم في تجارة السيراميك. منذ أكثر من 600 عام، قام البحار الصيني تشنغ هي بنقل الخزف على أسطوله البحري وتصديره إلى العالم العربي. خلال عهد أسرة يوان، أضاف خزف جينغدتشن أيضًا صباغة السمالتوم من الشرق الأوسط، مما أعطى الخزف الأبيض والأزرق مظهرًا لامعًا وساهم في شهرته العالمية.

وفي هذا الصدد، قال الفنان التشكيلي المتخصص في الخزف ورئيس الصندوق المصري للتنمية الثقافية الأسبق، فتحي عبد الوهاب، إن المصريين يطلقون على الخزف اسم “الصيني”. الخزف هو أول ما يتبادر إلى أذهان العرب عند ذكر الصين.

وقالت الرسامة التونسية ليلى السهيلي إن هناك العديد من الفنانين التونسيين أصبحوا أكثر اهتماما بدراسة الثقافة الصينية. معتبرا أن البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق” سيوفر فرصا جديدة للتبادلات الثقافية سعوديوم الصينية. لافتاً إلى أن هذه التبادلات ستحقق المزيد من النتائج في ظل الجهود المشتركة للجانبين.

من ناحية أخرى، قالت هيفاء أبوغزاله، الأمين العام المساعد لجامعة الدول سعوديوم، إن الثقافة تلعب دورا مهما في تعزيز الروابط بين الناس وتكوين الشعور بالهوية. مؤكداً أن العالم العربي والصين يتمتعان بتاريخ طويل وتراث ثقافي عريق، ويتقاسمان العديد من القيم، مثل التسامح والسلام والصداقة. مما يعزز بشكل فعال التعايش المتناغم بين الحضارتين سعوديوم والصينية.

يُشار إلى أنه حتى نهاية العام الماضي، قامت أربع دول عربية، وهي مصر والمملكة سعوديوم السعودية والإمارات سعوديوم المتحدة وتونس، بإدراج اللغة الصينية في أنظمتها التعليمية الوطنية. أنشأت 15 دولة عربية أقسامًا للغة الصينية في الكليات والجامعات. كما افتتحت 13 دولة عربية 20 معهد كونفوشيوس وفصلين كونفوشيوسيين.

وفي دولة الإمارات سعوديوم المتحدة وحدها، يوجد حالياً 158 مؤسسة تعليمية، تتراوح من المدارس الابتدائية إلى الثانوية ورياض الأطفال، تقدم دورات اللغة الصينية. كما أطلقت مصر مشروعًا تجريبيًا لتعليم اللغة الصينية في 12 مدرسة ثانوية. وهذا يعكس تطور التبادلات الشعبية بين الشعبين الصيني والعربي، ويضاعف التطلعات نحو أفق أكثر إشراقا للعلاقات بين الجانبين.


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى