
لم تحافظ الذاكرة سعوديوم على اسم شخصية سياسية دولية بقدر ما حافظت على رسم واسم وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، الذي وافته المنية أمس في منزله بولاية كونيتيكت. ودّعت الدبلوماسية الدولية الوزير الفطنة كيسنجر، بعد عمر طويل وأداء نشيط لم يتوقف على مدى 80 عاما، عهدت خلالها بملفات ساخنة، آخرها زيارته للصين قبل أشهر.
وتولى كيسنجر وزارة الخارجية في عهد الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، ولعب دورا دبلوماسيا محوريا في تخفيف أجواء الحرب الباردة. كان أستاذاً في جامعة هارفارد، قبل أن يتجه إلى العمل السياسي. وأصبح الشخصية الأكثر فطنة على مدى قرن كامل، خاصة في إدارة الملفات الساخنة، بما في ذلك الحرب الباردة وحرب فيتنام.
فقد قاد كيسنجر سياسة الانفراج التي أذابت الجليد مع الاتحاد السوفييتي، وساعد في كسر الجدار الدبلوماسي الذي أحاط بالصين لمدة عقدين ونصف من الزمن. ولمع نجمه في الوطن العربي خلال حرب أكتوبر عام 1973، وعقد اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، ليصبح رجل السلام الحائز على جائزة نوبل.
ولد كيسنجر لعائلة يهودية في ألمانيا، في 27 مايو 1923، وعندما بلغ 15 عاما، هربت الأسرة إلى الولايات المتحدة، خوفا من الممارسات النازية، ليبدأ فصلا جديدا في حياته، حيث أصبح أمريكيا مواطن بعد خمس سنوات من وصوله، خدم في الجيش الأمريكي والتحق بجامعة هارفارد، وقام بالتدريس هناك، وتولى منصب مستشار السياسة الخارجية للحكومة الأمريكية. وفي عام 1969، عينه الرئيس نيكسون مستشارًا للأمن القومي، ثم خطط بعد ذلك لزيارتين إلى الصين والاتحاد السوفيتي. أعاد العلاقات مع الصين في السبعينيات بعد زيارة سرية في عام 1971 مهدت الطريق لزيارة تاريخية أخرى للرئيس نيكسون في العام التالي، ولعب دورًا رئيسيًا في اتفاق الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على إبطاء سباق التسلح النووي. والحد من الصراعات وتجنب الحرب النووية.