
تمر هذه الأيام ذكرى رحيل سيد درويش فنان الشعب، بعد مرور 100 عام على وفاته في سبتمبر من العام 1923، وقد رثاه الكاتب الكبير عباس محمود العقاد، وكتب عنه له بعد عامين من رحيله في جريدة البلاغ مقال بعنوان “سيد درويش” ورد في كتاب “سيد درويش.. حياته وآثار عبقريته” للدكتور محمود أحمد الحفني:
ومما قاله العقاد:
في مثل هذا الشهر قبل عامين، توفي السيد درويش. وإذا قلت السيد درويش، قلت إمام الملحنين وعبقري الموسيقى المتفرد في هذا الزمان. مات والوطن كله يستمع إلى صوته… وسمع نعيه من سمع صوته، ومن سمع صدى صوته من منشدي ألحانه ومراجع أغانيه، فلم يحدث لهم -إلا قليل منهم- أنهم كانوا يسمعون خبر الفقد الجسيم، وأن هذه الأمة قد نعت رجلاً من أعظم رجالها عدداً.
ومما يقول العقاد:
إلا أن الأمة كلها، رغم ذلك، لم تتمكن من أداء حق الفرد، فمات بينهم، وهي لا تعلم أنها قد أصابت بفقده نكبة وطنية. ولم تهتم حكومتها بالمشاركة في تشييع جنازته وإحياء ذكراه كما تهتم بتشييع الموتى الذين ماتوا يوم ولادتهم والذين أرسلتهم أرحام أمهاتهم إلى قبر واسع. الدنيا، يفسد فيها من جواها ما لا تفسده العظام، ويفسد فيه الجثث.
يقول العقاد:
فضل سيد درويش – ومن أعظم ما يذكر لفنان الفضل الصاعد – أنه أدخل عنصر الحياة والبساطة في التأليف والغناء بعد أن أثقل هذا الفن مثل سائر إخوانه الفنون الأخرى بكرامتها منبهات وأحوال وتقاليد ومبتكرات وإبادات لا صلة بينها وبين الحياة، فجاء هذا العبقري الملهم ليتناسب بين الكلمات والمعاني، ويطابق بين المعاني والألحان، ويطابق بين الألحان والحالات النفسية التي تعبر عنها.