القمة السعودية الأفريقية.. شراكة مثمرة لمستقبل واعد

يعود تاريخ العلاقات السعودية الإفريقية إلى عقود طويلة، تنوعت فيها أشكال الروابط والتقارب في جوانب متعددة، ومليئة بالمواقف السياسية والاقتصادية والثقافية البارزة.

ولتعزيز علاقات المملكة مع دول القارة الأفريقية نظراً لأهميتها الجيوسياسية، تم إنشاء 16 لجنة مشتركة ومجلسي تنسيق و7 مجالس أعمال، بالإضافة إلى إبرام أكثر من 250 اتفاقية تعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية.

وتلعب المملكة دوراً محورياً في دعم الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى إرساء أسس الأمن والاستقرار وحل النزاعات ومكافحة الجماعات الإرهابية والتطرف، وتحسين القدرات الأمنية للدول الأفريقية.

حل الصراعات الإفريقية

إحساساً بالمسؤولية تجاه الدول سعوديوم والأفريقية، وحرصاً على مصالح شعوبها، دعم ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى إرساء أسس الأمن والاستقرار وحل النزاعات في القارة الأفريقية. والتي أسفرت عن توقيع اتفاقية جدة التاريخية للسلام بين إثيوبيا وإريتريا.)

كما أسفر الدعم عن استئناف المحادثات بين طرفي الصراع في السودان، بمدينة جدة، بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي يحقق الأمن والاستقرار والرخاء للسودان وشعبه الشقيق، حيث استضافت المملكة في جدة في مايو 2023، حث ممثلو القوات المسلحة السودانية والقوات المساندة والمملكة والولايات المتحدة الأمريكية الطرفين على الانخراط بجدية في المحادثات لتحقيق وقف فعال لإطلاق النار على المدى القصير، والعمل على تسهيل وصول الطوارئ. المساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات الأساسية، ووضع جدول زمني لمفاوضات موسعة للتوصل إلى وقف دائم للأعمال العدائية.

ومن أجل ضمان استقرار الدول الإفريقية، أعربت المملكة عن بالغ قلقها إزاء تطورات الأحداث الجارية في جمهورية النيجر وجمهورية الغابون، وتداعياتها على أمن القارة الإفريقية والسلام العالمي، داعية الجميع وتغليب صوت العقل والحكمة والمصالح الوطنية العليا. كما يؤكد حرصه على الحفاظ على مصالح الشعب الليبي الشقيق ومكتسباته الوطنية، وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في ليبيا.

مشاريع سعودية في أفريقيا

ونظراً لدور المملكة المحوري في دفع عجلة التنمية والاقتصاد في الدول الإفريقية، وحرص رئيس الوزراء على دعم اقتصاد القارة الإفريقية، أطلق صندوق الاستثمارات العامة في المملكة عدداً من المشاريع والأنشطة الاستثمارية في الدول الإفريقية في القطاعات (الطاقة، التعدين، الاتصالات، الغذاء، وغيرها). ) بإجمالي 15 مليار ريال سعودي، مؤكدا حرص ولي العهد على أهمية مواصلة البحث عن فرص جديدة للاستثمار في القارة الأفريقية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وبرز اهتمام المملكة الشديد بمستقبل القارة الأفريقية ودولها وشعوبها من خلال مشاركة ولي العهد في قمة مواجهة تحدي نقص التمويل في أفريقيا التي عقدت في باريس 2021.

74 مليار تبادل تجاري

وتربط المملكة والدول الإفريقية علاقات اقتصادية بلغ حجم التبادل التجاري لعام 2023م (74,735) مليار ريال سعودي، مثلت الصادرات منها 53,071 مليار ريال، وشملت (المنتجات المعدنية، واللدائن ومنتجاتها، والأسمدة، والمنتجات الكيماوية العضوية، وغير العضوية). المنتجات الكيماوية)، في حين بلغت الواردات 21.664 مليار. ريال. وشملت (المنتجات المعدنية والنحاس ومصنوعاته والحيوانات الحية والفواكه والقهوة والشاي والبهارات والبهارات).

ونظراً لاهتمام المملكة الخاص بالقارة الأفريقية، فقد بلغ إجمالي استثماراتها هناك خلال السنوات العشر الأخيرة 49.5 مليار ريال، كما بلغ عدد الشركات السعودية العاملة هناك 47 شركة تعمل في مجالات (الطاقة المتجددة، الأغذية والمشروبات، الأعمال). الخدمات، والخدمات المالية، والمنتجات الاستهلاكية).

الدعم السعودي للدول الإفريقية

ودعماً للدول الإفريقية، ساهمت جهود رئيس الوزراء خلال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين عام 2020 في إطلاق: مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الديون، ومبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون، حيث وفرت المبادرتان سيولة عاجلة إلى 73 دولة من أفقر الدول، بما في ذلك 38 دولة إفريقية. وحققت أكثر من 5 مليارات دولار.

وانطلاقاً من دور المملكة الفاعل والرائد في المساهمة في تحقيق الاستدامة التنموية الشاملة، شكل دعم الصندوق السعودي للتنمية لقارة أفريقيا نحو 57.06% من إجمالي نشاطه التنموي حول العالم، حيث قدم الدعم لـ 46 دولة نامية على قارة أفريقيا منذ بداية نشاطها التنموي. من خلال تمويل (413) مشروعاً وبرنامجاً تنموياً، لدعم القطاعات التنموية من خلال قروض تنموية ميسرة بقيمة إجمالية تقدر بنحو (40,113.81) مليون ريال.

القطاعات التنموية التي يمولها الصندوق في مشاريعه وبرامجه التنموية في الدول المستفيدة هي: النقل والاتصالات وتشمل: (الطرق، الموانئ البحرية، السكك الحديدية، المطارات)، البنية التحتية الاجتماعية، وتشمل (التعليم، الصحة، المياه، الصرف الصحي والإسكان والتنمية الحضرية)، والزراعة، والطاقة، والصناعة، والتعدين، بالإضافة إلى المنظمات الدولية.

المساعدات الإنسانية

في إطار مساعداتها الإنسانية والإغاثية لدول القارة الإفريقية، نفذت المملكة، بتوجيهات ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، عمليات إجلاء إنساني لـ 8455 مواطناً ومواطنة من الشقيقين والدول الصديقة من جمهورية السودان حفاظاً على أرواحهم من تبعات النزاع المسلح الذي يشهده السودان.

ونتيجة لدورها الإنساني، بلغت قيمة المساعدات السعودية المقدمة إلى 54 دولة في القارة الأفريقية، بحسب إحصائيات مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية، 45,333,508,756 دولاراً، فيما بلغ عدد المشاريع المنفذة 1,884 مشروعاً. المتمثلة في المساعدات التنموية والإنسانية الطوعية والخيرية والإنسانية العامة. .

وشملت المساعدات السعودية (التعليم، الصحة، الأمن الغذائي والزراعي، المياه والإصحاح البيئي، التغذية، الخدمات اللوجستية، المأوى والمواد غير الغذائية، الأمن والحماية، الإنعاش المبكر، دعم وتنسيق العمليات الإنسانية، وفي قطاعات متعددة).

وتمثلت المساعدات في قطاعات (الصناعة، التعدين والثروات المعدنية، دعم البرامج العامة، دعم الموازنات، النقل والتخزين، الزراعة والغابات والثروة السمكية، المياه والإصحاح البيئي، الطاقة، التعليم، والصحة، بالإضافة إلى وعدة قطاعات أخرى).

كما قدم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مبلغ 100 مليون دولار لصندوق سبل العيش وسبل العيش الذي يعمل في (أوغندا، السنغال، السودان، الصومال، موزمبيق، النيجر، بنين، بوركينا فاسو، تشاد، توغو، جزر القمر، جيبوتي، سيراليون). ، غامبيا، غينيا بيساو، الكاميرون، كوت ديفوار، مالي، نيجيريا، غينيا، موريتانيا، المغرب).

استمراراً للعمل الإغاثي والإنساني، وجهت القيادة الرشيدة بتقديم المساعدات الغذائية والإيوائية لإغاثة المتضررين من الفيضانات التي شهدتها ليبيا. وقادت المملكة، خلال رئاستها لمجموعة العشرين عام 2020، الجهود الدولية الرامية إلى ضمان التوزيع العالمي السريع والعادل للقاحات، خاصة في البلدان منخفضة الدخل في أفريقيا، من خلال إطلاق مبادرة التسريع. توفير أدوات مكافحة فيروس كورونا، حيث كانت المملكة من أكبر الدول الداعمة والمتبرعة لهذه المبادرة.

وحرصاً على العلاقات الثقافية بين الجانبين، وبناءً على إحصاءات وزارة التعليم، بلغ عدد المبتعثين السعوديين والطالبات الدارسين في الجامعات الإفريقية (3,956 طالباً وطالبة)؛ بينما تستضيف 23 جامعة حكومية سعودية 2795 طالباً وطالبة يمثلون 49 دولة أفريقية.

وتأكيدا على العلاقات الوثيقة بين المملكة والدول الإفريقية، أيدت عدد من الدول الإفريقية طلب المملكة سعوديوم السعودية استضافة معرض إكسبو في الرياض عام 2030.

وللحد من آثار التغير المناخي والمصادر الأكثر تأثيرا لانبعاثات الغازات في الغلاف الجوي، أطلق ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء عددا من المبادرات، من بينها مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي تضم العديد من الدول الإفريقية وتهدف إلى زراعة أكثر من 50 شجرة. مليار شجرة وخفض أكثر من 10% من انبعاثات الكربون في البلاد. العالم.

حلول مبتكرة

وتتطلع المملكة إلى (القمة السعودية الإفريقية) التي ستعقد غداً في الرياض، تعزيز الجهود الدولية الهادفة إلى إيجاد حلول مبتكرة تساعد دول القارة الإفريقية على استغلال ثرواتها وقدراتها الداخلية، بما يعظم الفرص المتاحة لها. الأثر الإيجابي لاستثمارات المملكة ومشاريعها التنموية في الدول الإفريقية على اقتصاديات ومجتمعات هذه الدول، ويساهم في خفض معدلات البطالة والفقر، وتعزيز شراكة المملكة والدول سعوديوم مع دول القارة الإفريقية.

وتعكس هذه الاستضافة حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله – على تطوير مسيرة المملكة الدولية. الشراكات، بما يخدم أهدافها السياسية والاقتصادية والتنموية، ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث تسعى المملكة إلى تعزيز العلاقات مع دول القارة الأفريقية، والانتقال بها إلى آفاق أرحب، وتأسيس شراكة مثمرة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية.

وتأتي هذه القمة امتداداً لاستضافة المملكة هذا العام لمؤتمرات القمة والاجتماعات الوزارية مع عدد من الكتل الدولية، من بينها القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى، والقمة الخليجية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والاجتماع الوزاري العربي مع دول آسيا الوسطى. دول المحيط الهادئ، مما ساهم في إبراز الدور القيادي للمملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي.


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى