
وقد ذكر الأديب الكبير الراحل توفيق الحكيم رمضان في كتاب فن الأدب عندما قال: “إذا أردت أن تعرف ما هو أروع صوت أبهر مشاعرنا ونحن صغار، فاعلم أنه صوت طبل، لا طبل جيش المظفر الذي يسير تحت نوافذنا ومراكزه منتشرة، ولا طبل الحراس العسكريين الذين يقرعون من فوق الجبال». الآلة الموسيقية، ولا حتى طبلة المسحراتي في رمضان، بل طبلة الأرجوز“
ويقول في الفصل الخاص بحرمان الأطفال الذي يستحضر فيه ذكريات طفولته، محذرا من حرمان الأطفال الذي عانى منه، مؤكدا أنه لم يكن لديه نوع اللعب الذي كان يطمح إليه في طفولته، لكنه يتذكر أيضا أيام رمضان بقوله: “كم كنا سعداء في طفولتنا الجميلة بشهر رمضان، وكم كنا تعساء أيضاً! من منا لا يتذكر نبضات قلبه الصغير، في شبابه، وهو أمام «دكان السباكة» وينظر إلى «الفوانيس» المتنوعة بزجاجها الملون؟ ما أجمل ذلك الفانوس الأصفر والأخضر والأحمر المعلق في الأعلى، لكن سعره مرتفع بلا شك! فهل ستكون العائلة مستعدة لتقديم هذه التضحية من أجله؟ على أية حال، لن يكلفهم ذلك الكثير، لكنه سيملأ قلبه فرحًا لن يقدره الكبار أبدًا! ما مدى قسوة البالغين في بعض الأحيان! قد يعتقدون أن بضعة جنيهات لن تثريهم. هذا هو الفرق بين لعبة وأخرى! ولكن في الواقع، هذا هو الفرق. بين الفرح والسعادة! كم هم الكبار النسيان! لقد كانوا جميعًا أطفالًا ذات يوم! لماذا لا يتذكرون ذلك العالم الساحر العجيب الذي تفتح أبوابه الذهبية فجأة للأطفال كلما أرادوا الحصول على واحدة من تلك الأشياء التي يحلمون بها؟.
وتابع: «أقول هذا لأنه في طفولتي لم يكن لدي كل الألعاب التي أشتاق إليها والأشياء التي أطمح إليها.. فكنت أصنعها لنفسي بخيال شغوف، وبين زملائي وأقراني. الجيران هم أولئك الذين لديهم ألعاب رائعة وثمينة تملأ غرفتهم، وتملأني بالدهشة، وأنا أقف بينهم مذهولاً. وأنا أحدق فيه بإعجاب، وألمسه برهبة، وصاحبه الصغير يلعب به بيده الصغيرة، محطماً محتقراً! ولا شك أنني كنت أعرف قيمتها أكثر منه، وأرى فيها أشياء رائعة لا تراها عيناه، لأنني لا أملكها، ولا أستطيع الحصول عليها.!
إذا جاء رمضان، ونظر الطفل إلى الفانوس المزخرف، فهل تتركين خياله معلقا وترتعش معه أحلامه، وتشتري له الفانوس ليشعل كأسه وشمعته، وتطفئ خيال الطفل وشمعته؟!