خبير آثار: تعامد الشمس من أبو سمبل إلى المتحف الكبير رمز للتواصل الحضارى – سعوديوم

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة المجلس الأعلى للثقافة والتاريخ والآثار، أن الظواهر الفلكية لتعامد الشمس في مصر على معبد أبو سمبل ومعبد الكرنك ومعبد قصر قارون في مصر الفيوم وكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بالشرقية ظاهرتان استثنائيتان في مصر ويطالب بإعداد ملف لتسجيلهما كتراث عالمي غير مادي لدى اليونسكو.


وأشار إلى أهمية ظاهرة تعامد الشمس على أبو سمبل، والتي يحتفل بها العالم سنويا في موقع مسجل ضمن التراث العالمي منذ عام 1979، ويضم “المعالم النوبية من أبو سمبل إلى فيلة”، والتي تضم العديد من المعابد الأثرية مثل معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل ومعبد إيزيس بجزيرة فيلة. الذين تمكنوا من النجاة من الغرق بسبب بناء السد العالي، وكان الموقع الأصلي لمعالم التراث العالمي “المعالم النوبية” أمام الشلال الثاني، ولكن منذ بناء السد العالي قاموا تم نقلها إلى موقعها الحالي الجديد، وأطلقت منظمة اليونسكو حملة عالمية لإنقاذ المواقع المهددة بالغرق نتيجة بناء السد ونقلها. إلى موقع جديد مناسب من حيث الأمان خلال الفترة من 1960 إلى 1980، بتكلفة بلغت 80 مليون دولار في ذلك الوقت، شاركت فيه 50 دولة وساهمت منظمة إيكوموس.

وأشار الدكتور ريحان إلى أن التعامد في أبو سمبل كان يحدث يومي 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام، وبعد نقل المعبد إلى تلة ارتفاعها 66 مترا، تأخرت الظاهرة 24 ساعة لتصبح 22 أكتوبر و 22 فبراير من كل عام، حيث تخترق أشعة الشمس الممر الأمامي لمدخل معبد رمسيس الثاني بطول 60 مترًا حتى تصل إلى قدس الأقداس الذي يضم منصة تضم تمثال الملك رمسيس الثاني جالسًا بجانبه تمثال للإله رع حور آخيتي الذي يحمل على رأسه قرص الشمس، والثعبان الذهبي، والإله آمون إله الشمس والرياح والخصوبة، بينما بقي تمثال الإله “بتاح” في الظلام لأن المصريين القدماء كانوا يعتبرونه “إله الظلام”، وتستمر ظاهرة تعامد الشمس 20 دقيقة وقد تصل إلى 25 دقيقة.

وأضاف أن أسباب ذلك هي أن المصريين صمموا المعبد بناء على حركة الفلك لتحديد بداية الموسم الزراعي وتسميده والآخر لبدء موسم الحصاد، أو أن هذين اليومين يتزامنان مع يوم ذكرى ميلاد الملك رمسيس الثاني ويوم اعتلائه العرش.


شهدت مصر القديمة حركة بناء وتشييد واسعة في عهد رمسيس الثاني. وكانت النوبة مهمة بالنسبة للمصريين لأنها كانت مصدرا للذهب والعديد من السلع التجارية القيمة الأخرى. ولذلك تم بناء العديد من المعابد الكبرى هناك من أجل إبهار النوبيين بقوة مصر، وأشهرها معبدي أبو سمبل الذي يضم المعبد الكبير المخصص لرمسيس الثاني نفسه والمعبد. الصغيرة المخصصة لزوجته الرئيسية الملكة نفرتاري.

بدأ بناء مجمع المعبد عام 1264 قبل الميلاد واستمر لمدة 20 عاما حتى عام 1244 قبل الميلاد وعرف باسم “معبد رمسيس الحبيب لآمون”.


وتم نحت المعبدين في الجبل في عهد الملك رمسيس الثاني في القرن الـ 13 قبل الميلاد كنصب تذكاري دائم له وللملكة نفرتاري تخليدا لذكرى انتصاره في معركة قادش. وتم نقلها على تلة صناعية مصنوعة من هيكل القبة وفوق خزان السد العالي بأسوان. تم اكتشاف معابد أبو سمبل لأول مرة في أغسطس. وفي عام 1817، عندما نجح المستكشف الإيطالي جيوفاني بيلونزي في العثور عليه بين رمال الجنوب، أطلق على المعبد هذا الاسم نسبة إلى طفل صغير قاد المستكشفين إلى الموقع مرة أخرى، والذي كان يراه بين الحين والآخر وسط الرمال المتحركة. وفي النهاية أعطى المستكشفون اسمه للمعبد.

وعن عبقرية المصريين في علم الفلك، أشار الدكتور ريحان إلى أن المصريين القدماء لاحظوا بعض الظواهر الفلكية مثل كسوف الشمس. كما اتخذوا أسماء الكواكب آلهة، فعبدوا إله الشمس “رع”. اعتمدوا النظام الشمسي وقسموا السنة إلى 3 فصول، كل موسم يتكون من أربعة أشهر. أطلقوا على الأول اسم الطوفان أو “آخت” والثاني موسم زرع الحبوب أو “بارت” والثالث موسم الحصاد أو “شمو”. حتى أنهم كانوا قادرين على التعرف على الكواكب الأخرى، مثل عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل. كما تمكنوا من رصد حركة بعض النجوم والأجرام السماوية وتحديد مجموعاتها النجمية. واستطاعوا التعرف على الكواكب الأخرى مثل عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل، واخترعوا الساعة الشمسية.

وتابع الدكتور ريحان أنه في 21 ديسمبر من كل عام، تتعامد الشمس أيضًا على قدس الأقداس بمعبد قصر قارون بالفيوم، تزامنًا مع تعامد الشمس على معبد الكرنك بمحافظة الأقصر. يبعد معبد قصر قارون عن مدينة الفيوم حوالي 65 كم ويقع جنوب غرب بحيرة قارون ضمن التقسيم الجغرافي شمالاً. غرب منطقة الفيوم بمركز يوسف الصديق. وتسمى المدينة مدينة ديونيسيوس. وهي مدينة بنيت في العصر البطلمي حوالي القرن الثالث قبل الميلاد. وكان يسمى ديونيسيوس نسبة إلى إله النبيذ اليوناني. وفي وسط المدينة تم بناء معبد للإله سوبك الإله المحلي لمنطقة الفيوم والذي كان يُعبد على هيئة تمساح، وتم بناء المعبد من الحجر الجيري.


اكتشف هذه الظاهرة الدكتور مجدي فكري وبدأ الاحتفال بها عام 2010. وهي أن الشمس تتعامد لمدة 25 دقيقة حتى تدخل مدخل المعبد ثم تتسرب من خلال محور المعبد لتضيء الحجرة الوسطى للحرم القدسي الشريف. المقدسة التي من المفترض أنها كانت تحتوي على المجمع المقدس للإله سوبك، ثم تنحرف إلى اليمين لتضيء الحجرة اليمنى التي من المفترض أنها احتوت على تمثال الإله، بينما تظل الحجرة اليسرى مغمورة في الظلام، كما وكانت تحتوي على مومياء الإله سوبك التمساح، والتي كان ينبغي أن تظل في الظلام. كما تغرب الشمس بشكل متعامد على معبد الكرنك بالأقصر يوم 21 ديسمبر من كل عام من الساعة السادسة إلى الثامنة صباحا.

وأكد الدكتور ريحان أن أحفاد قدماء المصريين لهم نصيب من ظاهرة تعامد الشمس، حيث تتعامد الشمس أيضًا في كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بكفر الدير بمنيا القمح بمحافظة الشرقية، في طقس فلكي روحي ظاهرة يقصدها المصريون والمسلمون والمسيحيون. تعتبر الكنيسة محطة مهمة على طريق العائلة المقدسة التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع. م، وتعبره الشمس ثلاث مرات في السنة: الأول من مايو عند مذبح القديس جاورجيوس في عيد استشهاده، 19 يونيو عند مذبح رئيس الملائكة ميخائيل في عيده وهو ما حدث قبل أيام. ، ويوم 22 أغسطس عند مذبح السيدة العذراء مريم في عيدها، إلا أن أشعة الشمس حجبت عن هذا المذبح نتيجة إضافة مبنى خرساني. للخدمات الكنسية على واجهة الكنيسة عام 1984.

جدير بالذكر أن فريق من المهندسين المعماريين وعلماء الآثار بالمتحف المصري الكبير قام بمحاكاة هذه الظاهرة، ونصب تمثال للملك رمسيس الثاني في بهو المتحف الكبير في زاوية تشرق من خلالها الشمس وتتعامد مع وجه الملك في فبراير 21 و 21 أكتوبر من كل عام، منذ تنفيذ الفكرة في عام 2021. .


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى