دراسة تستعرض إعجاز بناء أنفاق السرابيوم ووضع 24 تابوتا الواحد يزن 100 طن – سعوديوم

تعرض دراسة جديدة لخبير الترميم فاروق شرف استشاري الترميم لمشروع ترميم السرابيوم بسقارة، الإعجاز العلمي والهندسي المتمثل في بناء أنفاق السرابيوم ووضع 24 تابوتا بداخلها، حيث يبلغ وزن التابوت مائة طن.


سيرابيوم

ويشير خبير الترميم فاروق شرف إلى أن السرابيوم هو الاسم الذي يطلق على كل معبد أو هيكل ديني مخصص لعبادة الإله التوحيد سيرابيس، وهي عبادة مقدسة في مصر في العصر “اليوناني”، تجمع بين اثنين من آلهة القدماء. مصر وأوزوريس وأبيس.

ويوجد العديد من السرابيوم في مصر وإيطاليا، منها السيرابيوم في سقارة، والآخر في الإسكندرية، وهو مخصص للإله سيرابيس. ويوجد أيضًا معبد السرابيوم في روما القديمة، وفي مقاطعة أتاكاما، وهو أحد المعابد المخصصة للآلهة المصرية إيزيس وأوزوريس. يوجد سيرابيوم آخر في منطقة كامبو مارتسيو في روما. لكن سيرابيوم سقارة هو الأهم والأكثر تعقيدا في معماره النادر.

أبيس
أبيس

ويوضح فاروق شرف، أن السرابيوم يتكون من مجموعة من الأنفاق والسراديب بطول 400 متر، محفورة في قلب صخرة هضبة سقارة. يبدأ بممر طويل يؤدي إلى درج عبارة عن مصاطب كبيرة، في نهايته باب صغير يفتح على ممر رئيسي في خط مستقيم واحد، طوله 136 مترا. متر، وعلى جانبيها 24 غرفة دفن مقببة منحوتة في الصخر. ولا تواجه هذه الغرف بعضها البعض، بل تم حفرها بالتناوب حتى لا تحدث ضغطًا على التربة التي حفرت عليها. وزينت جداريات المقبرة بالنقوش المصرية القديمة المصنوعة من البلاط الجبسي. كما يحتوي السيرابيوم على 26 تابوتا مختلفة الأشكال. من المواد المختلفة وهي “الجرانيت الأحمر، والجرانيت الأسود، والبازلت، والكوارتز، والديوريت” وهي صخور أصلب، ​​وتخلو هذه التوابيت من النقوش باستثناء واحدة.

ويلقي خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة المجلس الأعلى للثقافة والتاريخ والآثار، ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، الضوء على خفايا السرابيوم التي قدمتها الدراسة، موضحا أن الـ 400 متر – تم حفر أنفاق طويلة في قلب صخرة هضبة سقارة وليس وسط الرمال، ويكون الممر الرئيسي في خط مستقيم واحد. هل يمكن أن يكون هذا النفق الطويل قد تم حفره بالمجارف فقط؟

وإذا نظرت إلى استدارة النفق واستقامته، فهل تستطيع يد بشرية أن تحفر نفقاً بهذه الدقة والاستقامة لهذه المسافة، أم يمكن أن نقول إن هذا مستحيل بدون آلة حفر؟ سراديب الموتى في السيرابيوم بحد ذاتها لغز: في الصيف تجدها باردة، وفي الشتاء تكون حارة ويتصبب العرق وأنت بداخلها.

تابوت داخل السرابيوم
تابوت داخل السرابيوم

ويشير الدكتور ريحان إلى الإعجاز العلمي والهندسي في التوابيت الموجودة داخل هذا النفق، وهي منحوتة في الصخر من أربعة جوانب، قاعدة وغطاء. وتم نحت جسم التابوت نفسه عن طريق قطع كتلة صلبة من الجرانيت بمختلف أنواعه من المحاجر الواقعة في جنوب البلاد، في الأقصر وأسوان والسودان وسيناء والبحر الأحمر والفيوم. .

ثم بعد ذلك يتم استخراج هذه الكتلة التي تقدر بنحو 80 طنا من المحجر، ويتم حفرها وصقلها، وبعد ذلك يتم نحت الغطاء، وتصنع التوابيت كلها من الصخور عالية الصلابة (الجرانيت الأحمر، الجرانيت الأسود، البازلت). والديوريت والكوارتز) وهي صخور لا يمكن التعامل معها. إلا عن طريق قاطعات الألماس، ولا يتصور أن ينحتها أحد بالأدوات التي كانت تستخدم في عصر الأسرات وهي “الأحجار والنحاس والبرونز ثم الحديد في العصور اللاحقة”. وكلها لا يمكن التعامل معها إطلاقاً بهذه الأدوات، ناهيك عن صقلها بهذه الطريقة.

ويواصل الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن حفر الصندوق نفسه أمر محير، فكيف فعلوا ذلك؟ ليس هناك شك في أن المجارف وآلات المطرقة البدائية لا يمكنها إنتاج مثل هذا المنتج الهندسي الفريد. جميع الزوايا الداخلية والخارجية للصندوق هي 90 درجة، وليس 90.1 أو 89.9. كما أن معامل التسطيح لديه نسبة خطأ أقل من 0.02%، وهي درجة لا يمكن تحقيقها في هذا العصر. تستخدم التكنولوجيا الحديثة فقط الآلات عالية الدقة، أو التكنولوجيا البصرية مثل الليزر، لتحقيق التسطيح الكامل.

الصندوق نفسه مصقول لدرجة تجعل عقلك يتساءل، إلا أن هناك آلات أو تكنولوجيا متقدمة قامت بحفره وصقله بهذا الشكل الدقيق. ثم نأتي إلى السؤال الأهم: كيف تم وضع هذه التوابيت العملاقة داخل النفق الذي له مدخل واحد ضيق للغاية؟ ومن الألغاز أيضًا سر التابوت البازلتي الكبير. ويبلغ وزنها 100 طن ويتم تركيبها على أرضية حجرة الدفن عن طريق حفر قاعدتها بعمق 5 سم في أرضية الغرفة لتثبيتها.

خبير الترميم فاروق شرف
خبير الترميم فاروق شرف

وينتقل إلى لغز آخر وهو أن التوابيت لا تحتوي على مومياوات وهي مغلقة إلا تابوت واحد فقط. ولماذا لم يتم العثور على مومياء أو جثة للعجل أبيس في أي منها؟ من صنعها وكيف؟ لماذا تم صنعه؟ لماذا هو ضخم جدا؟ وكيف نقلوه إلى أروقة وأنفاق السرابيوم؟

ويشير الدكتور ريحان إلى أن العلماء غير قادرين على معرفة السبب وراء صناعة توابيت السيرابيوم من الجرانيت لعدة أسباب أهمها أن التوابيت يبلغ حجمها 100 طن، فلماذا يمكن تصنيعها؟ والأغرب كيف تم صنعه؟

لكن الأغرب من ذلك كله هو كيف تم نقلها إلى تلك الأنفاق ونقلها في ظل ضيق الأنفاق. على نطاق صغير جدًا، توجد بداخله صخرة جرانيتية مصقولة مجوفة تزن 100 طن. فإذا تصورنا أن رجلاً قوياً يستطيع أن يحمل 100 كيلو جرام، فإننا نحتاج إلى ألف رجل قوي ليحمل التابوت وينقله تلك المسافة. المنطقة الضيقة لا تتسع إلا لخمسين رجلاً حول التابوت

لماذا تم صنعه؟

ومن المعروف للجميع أن قدماء المصريين كانوا بحجمنا الحالي، ويظهر ذلك من المومياوات الموجودة في المتاحف المصرية والعالمية. فلماذا يمكن صنع توابيت من الجرانيت تتسع لعشرة ثيران كبيرة للبالغين؟ ويشاع أن هذه التوابيت صنعت لدفن العجل المقدس أبيس، بالمواصفات المذكورة في كتب الباحثين، لكن لماذا هي هكذا؟ والأفضل أن يكون من خشب أخف وزنا وأسهل في الصنع، ويكون بحجم الثور الطبيعي وليس كبيرا إلى هذا الحد.

ونوع الصخور المستخدمة في التوابيت لغز آخر، فبالإضافة إلى حجمها الكبير للغاية، فهي أصلب جرانيت على مستوى الجدول الدوري للمعادن والصخور، وهو من المستحيل نحتها وتشكيلها في توابيت إلا بالماس. باستخدام الشفرات واستخدام آلات معقدة للغاية وليس فقط الأزاميل وآلات نحت النحاس البدائية كما هو موجود في المتاحف فيما يتعلق بآلات النحت القديمة التي كانت تستخدم في عصور مصر القديمة. والأغرب من كل هذا هو الدقة غير العادية في قياسات التوابيت من الداخل وزوايا قائمة 90 درجة من كل الاتجاهات مع نسبة خطأ بالألف وهو أمر مستحيل أن يحدث إلا بالحفر الإلكتروني الضخم الأجهزة وليس بعنصر بشري بالإضافة إلى درجة التلميع العالية جداً داخل تلك الصناديق

أعطى عالم أمريكي مواصفات التابوت الجرانيت لكبرى شركات الرخام الأمريكية حتى يمكن صنع واحد مماثل له في الحجم والشكل من الجرانيت، إلا أن الشركة اعتذرت لعدم توفر الإمكانيات أو المعدات التي تمكنها من ذلك.

وأضاف الدكتور ريحان من خلال الدراسة أنه لم يتم تحديد العمر الدقيق لتوابيت السيرابيوم. ومنهم من يقول أنها صنعت في عصر الأسرات المتأخرة، ولكن هذه الفرضية غير منطقية تماما لعدم توفر الأجهزة أو الآلات التي تمكنهم من نحت تلك التوابيت في تلك الفترة، والأغرب من ذلك هو هذه التوابيت مثلا كانت مصنوعة من قطعة واحدة من الجرانيت ولم يتم تجميعها من مجموعة قطع تم لصقها ببعضها البعض ليسهل صقلها ونقلها إلى الأقبية الضيقة تحت الأرض. كما أن الأنفاق نفسها تشكل لغزًا آخر، إذ لا يمكن عمل هذه الأنفاق بهذه الاستقامة وهذه الأرضية المسطحة على طول النفق. إلا عن طريق آلات حفر الأنفاق الحديثة، مثل تلك التي كانت تستخدم في حفر نفق قناة السويس ومترو الأنفاق


فهل من الممكن أن يكون هذا المشروع الضخم مجرد مقبرة للعجل أبيس المقدس عند المصريين القدماء؟

ويعتقد بعض العلماء أن تلك السراديب التي تحتوي على أربعة وعشرين تابوتا من الجرانيت ليست سوى بطاريات عملاقة لنقل الطاقة أو تخزينها أو توليدها. واستند أنصار هذه النظرية في آرائهم إلى ضخامة حجم التوابيت التي تزن 100 طن، والكتلة الواحدة التي صنع منها التابوت، وذلك لكي تتحمل ضغط شيء معين أو لتكون موصلة للطاقة. ولأنه لم يكن هناك أي وصلات أو لحامات، وكذلك غطاء التابوت الذي يزن ثلاثين طناً، فقد اعتمدوا أيضاً على التابوت الذي كان مستقراً في نهاية النفق والذي لم يصل إلى تجويفه، وكأن العمل قد توقف فجأة توقفوا ليتمكن العمال من مواصلة يومهم غدا، لكن الغد لم يأت على الإطلاق، وظنوا أن الكارثة ستحدث فجأة. وأدى إلى انتهاء العمل إلى الأبد قبل أن يكتمل كما هو محدد لذلك المشروع، وكأن انفجاراً نووياً أدى إلى تدمير الجميع بشكل مفاجئ ونهاية تلك الحضارة.

ويرى الباحث فاروق شرف أن هذه الحضارة كانت في عصر ما قبل الأسرات، ويبدو واضحا أنها كانت قمة التطور والقوة التكنولوجية التي لم يشهدها الإنسان من قبل حتى يومنا هذا.


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى