سيناريو واحد يحكم غزة

مع نهاية الأسبوع الثالث من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، لا توجد معطيات سياسية في الأفق تشير إلى احتمال وقف إطلاق النار، ويظل التصعيد هو الوضع السائد. حالة من الضباب تجتاح المشهد الشرق أوسطي. اللاعبان الرئيسيان في الأمر هما حماس وإسرائيل، جيش الدولة الذي يمتلك قوة تدميرية هائلة ضد الجماعات المسلحة!

فهذه المعادلة تحتوي على طرفين غير متساويين بكل المقاييس، ومن شأنها أن تلحق بالفلسطينيين ضررا كبيرا، خاصة في ظل المواقف الدولية الأحادية الاتجاه. ولعل هذا الرأي والرؤية لا يؤدي إلى الحل بقدر ما يؤدي إلى استمرار الصراع، بدلا من اغتنام فرصة السلام المستدام لأصعب صراع في العالم. .

إن المواقف الدولية غير المتوازنة تتحمل مسؤولية كبيرة في تشجيع طرف على آخر. وكانت مواقف الدول سعوديوم منذ البداية تحمل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية تدهور الأوضاع في الأراضي المحتلة وفق القوانين الدولية. ولم تتأخر الدول سعوديوم في إدانة أي محاولة للاعتداء على المدنيين، بل الانحياز السياسي وتشجيع الطرف الأقوى عسكريا، الإجراءات الإسرائيلية في غزة ستكون لها تداعيات كبيرة جدا، وهنا لا بد من سرد المواقف الدولية حتى نتعرف على الخريطة السياسية وهو ما يؤسس لاستمرار التوتر في المنطقة.

والولايات المتحدة الأمريكية قالت منذ اليوم الأول إن للجيش الإسرائيلي الحق في الدفاع عن النفس. بل إن البعض ذهب إلى القول بأن الجيش الإسرائيلي له الحق في تسوية غزة بالأرض. وكانت بريطانيا تسير في نفس الاتجاه عسكريا وسياسيا، واعتبرت أن لإسرائيل الحق المطلق في ضرب غزة دون النظر إلى الاعتبارات الإنسانية، الأمر نفسه ينطبق على ألمانيا وإيطاليا والهند.

ومن الطبيعي أن تقوم دولة مثل إسرائيل، بقدراتها العسكرية الضخمة، بعزل حماس وقطاع غزة، ومواصلة العمليات العسكرية المرعبة. لكن السؤال هو: هل سيغير هذا السلوك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ 75 عاما؟ فهل يستطيع الجانب الإسرائيلي أن يتعايش مع الفلسطينيين بعد كل هذا القتل من الجانبين؟ وللأسف فإن ما يظهر الآن من الطرفين ليس إلا أعمال انتقامية وانتقامية، ولا تلوح في الأفق أي محاولة لحل الصراع من جذوره.

بعيداً عن الدعم الغربي اللامحدود لإسرائيل، وبعيداً عما حدث في 7 أكتوبر، فإن السؤال الذي يفرض نفسه على الجانب الأوروبي: ألم تكن الحرب العالمية الثانية درساً عميقاً في حل الصراعات الدولية؟ ألم تنتهي الحرب باتفاق سياسي، نهاية حقبة، وبداية حقبة جديدة؟ أوروبا القديمة ذات التاريخ العظيم، ومعها الولايات المتحدة، القوى العظمى في العالم، لا تتعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأعين الدول العظمى، بل في كثير من الأحيان بالقوة المفرطة!

لماذا لا تعمل كل هذه الدول الكبرى على تطوير الحل السياسي الذي يفرض على الجانبين؟ ولعل الدول سعوديوم هي التي اتخذت المبادرة الأكبر لتحقيق السلام الدائم في المنطقة.

والحقيقة أن أحداث 7 أكتوبر وتداعياتها، وخريطة المواقف الدولية، أكدت لكل من يتابع أحداث الشرق الأوسط أن الغرب يتعامل مع مشكلة واحدة بنفس الأدوات وبنفس الأخطاء دون أن يحاول حلها. مراجعة الطريقة. أي أن الغرب يعلم أنه مخطئ في إهمال الملف الفلسطيني، لكن الكارثة مستمرة في الإهمال. ورغم كل التداعيات الكبيرة لهذا الصراع، والتي أصبحت واضحة خلال الأسبوعين الماضيين، إلا أن ما يحدث في غزة لن يتوقف في غزة فقط!

وبناء على كل ما ذكرناه؛ لا يمكن إلا أن نتصور سيناريو واحدا، وهو السيناريو الذي يعكس أيضا العقلية الإسرائيلية الأنانية في التعامل مع الصراع الفلسطيني والعربي، وهي الحصول على كل شيء دون إعطاء أي شيء. إنها سياسة إسرائيلية انتهجتها منذ عام 1948، وهي السياسة التي أوصلت المنطقة إلى درجة الغليان هذه.

نعم، لا يلوح في الأفق سوى سيناريو احتكار القوة وزيادة القوة على حساب الضعف الفلسطيني المستمر، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل محاولة إسرائيل والغرب بلورة صيغة أمنية جديدة تضمن و ويضمن التفوق العسكري والأمني ​​لعقود من الزمن بعد انهيار التوازن الأمني ​​والعسكري بعد هجوم 7 أكتوبر.

وهذا هو المسار الطبيعي لمثل هذه العقليات القائمة على كسر الإرادات وليس على حل الصراعات، وهذا بالتأكيد يؤسس لموجة طويلة من العنف لا يمكن لمنطقة الشرق الأوسط أن تتحملها، بعد أن عاش عشرات الحروب في كل مكان.




مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى