شهد سكان جميع دول الأرض، خلال العام الجاري، طقساً حاراً ضاعف فرص حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، بحسب ما أكدته الأبحاث الجديدة، ويأتي ذلك وسط… موجة من الظواهر الجوية المتطرفة لقد أثرت على العديد من المناطق حول العالم، بدءاً بالفيضانات المدمرة في الهند واليابان وليبيا، مروراً بحرائق الغابات الهائلة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، وانتهاءً بالعواصف الاستوائية غير المسبوقة في شرق أفريقيا ونيوزيلندا والبرازيل.
رغم أن صيف 2023 كان تاريخيا، حيث كانت ثلاثة أشهر متتالية هي الأكثر سخونة في التاريخ المسجل، إلا أن أحداثه لم تخرج عن نطاق التوقعات، بحسب تقرير لصحيفة الشرق الأوسط.
يرصد العلماء ظاهرة ذوبان الأنهار الجليدية
ولفترة طويلة، حذر علماء المناخ من فصول صيف قاسية تشهد موجات حارة قاتلة، وعواصف مفاجئة، ومحيطات شديدة الحرارة. وهذا يؤكد أن تحطيم العديد من الأرقام القياسية هذا الصيف هو نتيجة واضحة لارتفاع درجة حرارة النظام المناخي.
والنتيجة الأخرى هي الطقس المتطرف الذي أصاب العديد من المناطق بالجفاف والفيضانات وحرائق الغابات، وفي أكثر من مكان، كما هو الحال في الهند واليونان ومعظم دول شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث أعقب ارتفاع درجات الحرارة غزارة أو فلاش مطر.
مع كل درجة مئوية ترتفع فيها درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، تزداد كمية بخار الماء في الغلاف الجوي بحوالي 1 إلى 7%.

درجات حرارة قياسية تسجل.. والحرائق تستعر على ضفتي البحر الأبيض المتوسط
الكوارث المناخية
شهد النصف الأول من العام الجاري مجموعة كبيرة من الكوارث المناخية، أثرت على العديد من دول نصفي الكرة الشمالي والجنوبي.
وفي أكثر من مكان، وصلت درجات الحرارة والعواصف المطيرة إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى حرائق واسعة النطاق وفيضانات عنيفة وذوبان الجليد، وكأن الصيف يسدل الستار على سباق في أعداد الضحايا بين كارثة زلزال المغرب وكارثة المغرب. الفيضانات في ليبيا، حيث يستمر العد بالآلاف.
لا يمكن أن تعزى جميع أحداث هطول الأمطار الغزيرة إلى تغير المناخ، حيث قد تلعب عوامل أخرى، مثل التقلبات الطبيعية والتغيرات في استخدام الأراضي، دورًا كبيرًا. لكن تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ يخلص إلى أن زيادة تواتر وشدة هطول الأمطار الغزيرة على معظم مناطق اليابسة يرتبط بالنشاط البشري الذي يسبب تغير المناخ.
ويتوقع التقرير أن هطول الأمطار الغزيرة سوف يصبح أكثر تواترا وشدة مع زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.
من زلزال المغرب – رويترز
الكوارث الإنسانية
وفي المغرب، أودى الزلزال الذي بلغت قوته سبع درجات وضرب جبال الأطلس الكبير، بحياة ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص وخلف أكثر من 5500 جريح، بحسب آخر الأرقام الرسمية.
وأطاح الزلزال، وهو الأقوى من حيث عدد القتلى في المغرب منذ عام 1960، بالبنية التحتية للقرى النائية بالمنطقة الجبلية الوعرة، ودمر المنازل وانقطع التيار الكهربائي، تاركا سكان هذه القرى يعانون مع اقتراب الطقس البارد في الأيام القليلة المقبلة. أشهر، وتسببت في انهيار جزئي أو جزئي. المجموع لنحو 50 ألف منزل.
من المناطق المنكوبة بالزلزال في تركيا (رويترز)
وشهد شباط/فبراير الماضي أحد أسوأ الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا، مخلفا أكثر من 50 ألف ضحية ودمار واسع النطاق، وأكثر من 25 مليون متضرر.
أما ليبيا فشهدت كارثة مماثلة، حيث وصلت العاصفة “دانيال” إلى الساحل الشرقي لليبيا بعد ظهر الأحد وضربت مدينة بنغازي قبل أن تتجه شرقا نحو مدن الجبل الأخضر (شمال شرق) مثل شحات (قوريني). والمرج، والبيضاء، وسوسة (أبولونيا)، ودرنة. المدينة الأكثر تضررا.
من درنة (رويترز)
وفي ليلة الأحد والاثنين، انهار السدان الرئيسيان على نهر وادي درنة الصغير، مما تسبب في انهيارات طينية ضخمة دمرت الجسور، وجرفت العديد من المباني وسكانها، وخلفت عشرات الآلاف من القتلى والمفقودين.
وتحدث مسؤول في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر عن حصيلة “ضخمة” للقتلى قد تصل إلى آلاف الأشخاص، إضافة إلى 10 آلاف مفقود. ونزح ما لا يقل عن 30 ألف شخص، إضافة إلى ثلاثة آلاف شخص في البيضاء وأكثر من ألفين في بنغازي، وهي مدن تقع إلى الغرب، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. وتضرر 884 ألف شخص بشكل مباشر من الكارثة، بحسب المنظمة.

صور جوية توضح حجم الكارثة التي شهدتها مدينة #البيضاء جراء فيضانات #ليبيا #درنة #سعوديوم
المطر المبكر
وشهدت دول شمال أفريقيا في سبتمبر/أيلول الماضي هطول أمطار مبكرة، كان أخطرها في ليبيا، حيث يخشى أن يكون ما يصل إلى 20 ألف شخص قد لقوا حتفهم نتيجة الفيضانات والسيول التي خلفها إعصار دانييل شرقي البلاد.
أدت عاصفة البحر الأبيض المتوسط العنيفة التي ضربت عدة مدن ساحلية، إلى انهيار سدود وجرف أحياء بأكملها، خاصة في مدينة درنة التي تم إعلانها منطقة منكوبة.

أمطار غزيرة تضرب الصين – هونج كونج – وكالة فرانس برس
فيضانات واسعة النطاق في آسيا
وفي 7 أغسطس، شهدت العاصمة الصينية هطول أمطار غزيرة بلغ منسوبها 745 ملم تقريبًا، وهي الأعلى في يوم واحد منذ بدء مراقبة الطقس عام 1883. وأدت هذه الأمطار إلى فيضانات أودت بحياة 33 شخصًا، وخلفت 18 مفقودًا، وأدت إلى انهيارات وأضرار في المزيد من المنازل. من 200.000 منزل. وفي الأسبوع التالي، وصلت درجة الحرارة في مقاطعة شينجيانغ إلى 52.2 درجة مئوية، وهو رقم قياسي جديد في الصين.
شهدت القارة الآسيوية خلال النصف الأول من عام 2023، مجموعة من الأحوال الجوية أودت بحياة الكثيرين، أبرزها موجة البرد التي ضربت أفغانستان في 10 يناير الماضي، حيث وصلت درجة الحرارة إلى 33 درجة تحت الصفر وأودت بحياة أكثر من وتسبب إعصار موكا الذي اجتاح ميانمار في مايو/أيار الماضي في مقتل نحو 500 شخص وتسبب في أضرار تقدر بنحو 1.5 مليار دولار.
كما قتل إعصار بيبارجوي أكثر من 12 شخصا في الهند خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، وفي الشهر نفسه عانت البلاد من موجة حر شديدة أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عدة مرات ووفاة ما يقرب من 170 شخصا. منذ يوليو/تموز، استمرت الفيضانات غير المسبوقة في الهند في حصد الأرواح، مما تسبب في وفاة أكثر من 100 شخص حتى الآن.
الأعاصير المدمرة في نصف الكرة الجنوبي
النصف الشمالي من الكرة الأرضية ليس الوحيد الذي يعاني من ارتفاع درجات الحرارة. وفي أغسطس، شهدت البرازيل ارتفاعًا قياسيًا في درجة الحرارة بلغ 41.8 درجة مئوية في مدينة كويابا في منتصف الشتاء. وأثرت موجة الحر على جزء كبير من البلاد، ودفعت الآلاف من سكان ريو إلى الشواطئ.
وفي جنوب البلاد، شهدت ولاية ريو غراندي أسوأ كارثة مناخية لها في 6 سبتمبر/أيلول، حيث تسبب إعصار في هطول أمطار غزيرة ورياح أودت بحياة 27 شخصا على الأقل. ولقي ما لا يقل عن 40 شخصا حتفهم نتيجة الفيضانات والانهيارات الأرضية التي شهدتها ولاية ساو باولو في فبراير الماضي.
وأدت حرائق الغابات في جنوب وسط تشيلي خلال الشهر نفسه إلى مقتل 24 شخصًا وإصابة نحو 2000 شخص وإحراق أكثر من 800 ألف فدان من الأراضي.