
تأتي ذكرى رحيل الأديب الكبير بهاء طاهر، حاملة معها ذكرى سردية تنبثق من طيف صورة صاحب عمل مثل خالتي صفية، الدير، والرواية الحائزة على جائزة البوكر سعوديوم الأولى و”واحة الغروب”، وتحول العملان إلى دراما تلفزيونية استمدت خيوطها المثيرة من أعمال الكاتب الراحل.
لكن ضحى قالت ما قالته في الرواية الأولى، والتي كانت تسمى ضحى سعيد، والاسم هنا يدل على المعنى. المعنى كله أن دوحة تقول، رغم أن الراوي رجل في النهاية، إلا أن الرواية الأولى للكاتب الكبير الراحل لا تجسد إلا ما قالته دوحة، معتبرة أنها عنوان رئيسي ينبثق من جوانب الرواية ومفرداتها ليس لصوت هذه الرواية، مع طولها وأحداثها، صوت أعلى من كلمات الدوحة، وكأن الكاتب الحساس في هذه الرواية يقدم أفكارا ممزوجة بدراما سليمة ومتماسكة على وقع ما تقوله المرأة وكيف يستطيع الراوي أن يجسد مشاعر الرجل تجاه ما قالته الأنثى التي يحبها.
ضحى، الإنسانة الطيبة والحساسة، تترك انطباعًا عنها أثناء قراءتك للرواية، ثم تتركها للآخرين بعد أحد أقوالها التي قالتها ضمن أحداث الرواية. وتأتي أهمية ما تقوله المرأة في الرواية، إذ أن قولها له دلالة ويحمل في داخله مفردات ومعاني مختلفة عن قول الرجل.
مع «بهاء طاهر» نبقى مأسورين بسحر الرواية، إذ يتسلل بنا الراوي إلى أعماق بعيدة داخل أبطاله، وهكذا قال «الدوحة» الذي كان في كل مرحلة مختلفًا عن الذي قبله. هل تغيرت “الدوحة”؟
وعلى مستوى البنية الفنية تبدو الرواية سيمفونية رائعة، ذات ألحان رائعة، وطبقات متنوعة، وإيقاعات مختلفة. يرتفع إلى السماء ويهبط إلى الأرض دون أي خلل أو اهتزاز، رغم أنه يمس الفن والعقد الاجتماعي المتغير في فترة ما بعد ثورة يوليو. إلا أنها تحافظ على إيقاع الهمس، كما لو كان بهاءً. أراد أن يقول ما همست به، وكأن ذلك الصوت الهامس يعبر عن الصوت المتبقي داخل الإنسان وسط آلات التغيرات والتحولات الاجتماعية والسياسية.