ماذا يحدث في السر بين طالبان وروسيا؟


شهدت مدينة كازان الروسية، انعقاد الجلسة الخامسة لمؤتمر “صيغة موسكو”، لمناقشة العديد من الملفات المتعلقة بالوضع الراهن في أفغانستان، أبرزها وأهمها تشكيل الحكومة السياسية الشاملة التي ووعدت حركة طالبان بالتشكل منذ وصولها إلى السلطة في أغسطس 2021.

استعرضت آمنة فايد، الباحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تطورات العلاقة التي تبدو بعض تفاصيلها سرية، بين روسيا وحركة طالبان. وأشارت إلى أن المؤتمر نفسه ناقش قضايا تعزيز الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والجرائم المرتبطة بالمخدرات وإعادة بناء البلاد خلال مرحلة ما بعد الصراع، وذلك بحضور وفد. وكان دبلوماسي من حكومة طالبان الأفغانية المؤقتة ضيفا غير مشارك في الاجتماعات، إلى جانب ممثلين عن عدد من الدول المعنية بالشأن الأفغاني: روسيا، الصين، باكستان، إيران، الهند، دول آسيا الوسطى، وبعض الدول الأخرى. المراقبين.

أسئلة مشروعة
واللافت برأي المحلل الاستراتيجي، أن الدعوة وجهت إلى الحكومة الأفغانية المؤقتة، رغم الإحجام عن دعوتها خلال الدورة الرابعة التي عقدت في نوفمبر 2022، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة الأمر. العلاقة بين موسكو وطالبان، وما إذا كانت هذه الدعوة – ​​التي جاءت في ظل العديد من التغيرات والتطورات الأخرى على الساحتين الروسية والأفغانية – قد تحمل في طياتها انعكاسات على مساعي روسيا للتقارب مع طالبان خلال المرحلة المقبلة.

العلاقات المتأرجحة
مرت العلاقات بين روسيا وحركة طالبان – تاريخياً – بمراحل ومراحل مختلفة. خلال الفترة الأولى من حكم طالبان (1996 – 2001)، سيطرت التوترات على العلاقة بين الجانبين، سواء من جانب حركة طالبان التي اعترفت -آنذاك- باستقلال جمهورية الشيشان الروسية في شمال القوقاز، أو من طالبان . ومن جانب موسكو التي وصفت نظام طالبان الإسلامي بالمتطرف، ودعمت غزو الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لأفغانستان عام 2001، لانتزاع السلطة من حركة طالبان في ظل الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب عالميا، إلى أن صنفت روسيا الحركة بموجب القانون الروسي جماعة إرهابية عام 2003.
لكن منذ عام 2007، شهدت العلاقات الروسية مع حركة طالبان بعض التطورات الإيجابية، وبدأ الحديث عن وجود محادثات سرية وتنسيق فيما يتعلق بملف مكافحة تهريب المخدرات من أفغانستان إلى دول آسيا الوسطى.

العدو المشترك
تقول الخبيرة آمنة فايد: “في ظل تنامي العلاقة بين الجانبين، صرح مسؤول كبير من الحركة عام 2016: “لدينا عدو مشترك.. كنا بحاجة إلى الدعم للتخلص من الولايات المتحدة وحلفائها في أرادت أفغانستان وروسيا أن تغادر جميع القوات الأجنبية أفغانستان في أسرع وقت ممكن. ربما”[3].
وفي عام 2017، اتهم وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون روسيا بدعم مقاتلي حركة طالبان بالسلاح في حربهم ضد الولايات المتحدة الأميركية.
ولعل التحول الأبرز في مسار العلاقات بين الجانبين تبلور في أعقاب انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، واستيلاء حركة طالبان على السلطة في أغسطس 2021.
وبينما سارعت الدول الغربية إلى إغلاق سفاراتها وإجلاء دبلوماسييها، ظلت السفارة الروسية مفتوحة، وكان السفير الروسي دميتري جيرنوف أول دبلوماسي أجنبي يلتقي بممثلي طالبان.

أسباب التقارب
وجاءت دعوة طالبان لحضور “صيغة موسكو” هذا العام على خلفية مجموعة من الدوافع والمصالح المشتركة التي تجمع روسيا وطالبان على كافة الأصعدة الاقتصادية والأمنية والسياسية، والتي يعتبرها البعض تنطلق من مبدأ “عدو عدوي هو صديقي.” ويشير المحلل السياسي إلى أن الالتفاف على العقوبات الاقتصادية هو أحد أهم عوامل التقارب. ورغم اختلاف السياقات والأسباب، فإن العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على كل من أفغانستان وروسيا تركت حالة من العزلة الاقتصادية النسبية لكلا الجانبين على المستويين الإقليمي والدولي، وأدت إلى طردهما. من النظام المصرفي العالمي مما دفعهم للبحث عن حلول ومسارات مختلفة للخروج من الاختناق المفروض عليهم. وتعتبر حركة طالبان روسيا شريكا اقتصاديا جذابا، نظرا لقدرتها على تأمين احتياجات أفغانستان من إمدادات النفط والغاز، والتي يعاني الاقتصاد الأفغاني من قيودها، وهو ما جعل روسيا خيارا حيويا لأفغانستان.

قائمة الإرهاب
وتسعى حركة طالبان منذ بداية حكمها في أغسطس 2021، إلى الاعتراف الدولي كحكومة شرعية في أفغانستان، لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتعزيز تدفقات المساعدات والموارد الإنسانية إلى البلاد، لدعم إعادة الإعمار. جهودها وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية بما يضمن حصولها على الشرعية في البلاد. الشارع الأفغاني، ويساهم في تعزيز مقاليد حكمه للبلاد، ولذلك ترى الحركة أن مسألة استمرار العلاقات الدبلوماسية مع موسكو، إضافة إلى الشراكات الحيوية والمهمة والعلاقات الاستثمارية والتجارية، وفي ضوء ذلك وجود قواسم مشتركة بين الجانبين، فيما يتعلق بموقفهما ضد الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، كل هذا قد يجعل… فرصة رفعه من قائمة الإرهاب الروسية والاعتراف به أكبر.

ملف الأسلحة
وبحسب آمنة فايد، فإن الطائرات والصواريخ والمركبات وغيرها من المعدات والأسلحة العسكرية التي خلفتها القوات الأمريكية أثناء انسحابها من أفغانستان والآن في حوزة حركة طالبان، والتي تشكل ما يقرب من 70% من إجمالي الأسلحة الأمريكية في أفغانستان، مثلت هدفا حيويا لروسيا، خاصة بعد أن تكبدت خسائر فادحة في حربها مع أوكرانيا، وأصبح من الصعب عليها تصنيع أسلحة بمستويات ما قبل الحرب، بسبب العقوبات المفروضة عليها. أما بالنسبة لطالبان، فمن المرجح أن تستغل الحركة هذه المعدات والأسلحة لإبرام صفقات الطاقة مع موسكو، خاصة أن أفغانستان تحتاج إلى استيراد المنتجات النفطية بدلا من الخام، بسبب صعوبة توفير إمكانيات وموارد التكرير في المصانع الأفغانية.

التقارب بين روسيا وطالبان.. لماذا؟

  • كسر العقوبات الأمريكية المفروضة على الجانبين.
  • رغبة طالبان في الحصول على اعتراف دولي عالمي.
  • مواجهة تنظيم داعش الذي تعد أفغانستان أحد بيئته.
  • قضية الأسلحة التي تركتها أمريكا في كابول.




مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى