
في السياسة، لا يُقاس القائد بالقوة التي يمتلكها، بل بقدرته على تغيير الطريقة التي يفكر بها العالم. وفي قمة شرم الشيخ للسلام وقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام القادة وقال: “ولي العهد محمد بن سلمان زعيم ملهم، وقد قام بعمل رائع من أجل بلاده. أشكره، فهو صديق مميز، لقد تحدثت معه هاتفيا، وهو يقوم بعمل رائع من أجل بلاده”.
كانت العبارة أكثر من مجرد مجاملة. ومثل إعلانا واضحا عن تحول مركز النفوذ في الشرق الأوسط نحو الرياض. الأمير محمد بن سلمان، من خلال خطاب ترامب، أعاد تعريف هيكلية صنع القرار في المنطقة. لقد تحرك وفق نهج اعتمد على هندسة القوة، وليس ممارستها، وعلى توظيف النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي والدبلوماسي لخلق بيئة من الاستقرار طويل الأمد.
وترتكز الدبلوماسية السعودية الجديدة على ثلاث دوائر: بناء الثقة الدولية، وإنتاج الحلول بدلاً من انتظارها، وتحويل التنمية إلى أداة نفوذ سياسي مشروع. وهذا التحول جعل من المملكة ركيزة أساسية في معادلة الأمن الإقليمي، وأعاد رسم العلاقة بين العواصم الكبرى من واشنطن إلى باريس، مروراً بالقاهرة والدوحة.
وفي شرم الشيخ، تمكنت المملكة سعوديوم السعودية من إدارة واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً في القرن الحديث من موقع القيادة الهادئة، فتوصلت إلى اتفاق سلام أنهى الحرب في غزة وفتح الباب أمام ترتيبات إقليمية أكثر استقراراً.
الفلسفة التي تحكم أداء الأمير محمد بن سلمان تقوم على التوازن الإنتاجي، أي أن تكون الدولة قادرة على التوفيق بين المصالح المتباينة دون خسارة أي طرف.
تعيد هذه المدرسة تعريف فكرة القيادة في القرن الحادي والعشرين: القيادة التي تسعى إلى تصميم النظام، وليس إلى السيطرة عليه.
واليوم، تترجم رؤية الأمير محمد بن سلمان تحول المملكة إلى قوة مركزية ضمن نظام عالمي يتجه نحو التعددية القطبية. تقدم المملكة سعوديوم السعودية للعالم نموذجاً جديداً في الحكم والسياسة: عقل يوازن بين التنمية والردع، وسياسة تبدأ من الداخل لإعادة ضبط إيقاع الخارج.
تمثل قمة شرم الشيخ بداية مرحلة جديدة في التاريخ السياسي للمنطقة. ومن الأعلى؛ بدأ العالم يتعامل مع الرياض كمركز لصنع القرار، ومع الأمير محمد بن سلمان باعتباره العقل الذي يدير التوازنات ويعيد كتابة منطق القيادة في القرن الجديد.
أخبار ذات صلة