مسار سوري يستقطب الغرب.. ويغيب عنه العرب

وبعد مرور عام على اللقاء الحادي عشر في العاصمة اليونانية (أثينا)؛ جددت المدونة السورية، التي انعقدت في آب 2022، أحد أهم المسارات السياسية، اجتماعاتها على الطاولة الدولية الـ12 بحضور الأعضاء المؤسسين، ومشاركة دولية واسعة من مبعوثي الدول إلى الأزمة السورية، كما وبدت الاجتماعات التي امتدت من 28 إلى 31 أغسطس/آب مليئة بالنقاشات الداخلية حول مستقبل هذا المسار، وأهمية الاستمرار في رسم شكل واضح لهذه المبادرة التي تأخذ في أعماقها شكلاً اجتماعياً بالدرجة الأولى، يميزها عن سائر المبادرات. مسارات. وكانت المناقشات التي دارت بين أعضاء المدونة والمبعوثين الدوليين مثمرة وجادة، حيث تركز النقاش على أهمية مثل هذا المسار ودوره في المسارات السياسية المزدحمة المحيطة بالأزمة السورية. وبالفعل حاول أعضاء المدونة وضع المبعوثين الدوليين في صورة عمل المدونة ودورها الاجتماعي -على الأقل- في حل بعض الصراعات داخل سوريا على المستوى المدني، واحتمال أن تكون هذه المدونة بمكوناتها وشخصيات فكرية ودينية وطائفية وعرقية متنوعة من كافة الحركات السورية من الداخل والخارج، يمكن أن تؤثر على طبقات المجتمع. بعد أن مزقتها الحرب لمدة 12 عامًا.

نهج عقلاني وواقعي سياسي

وكان تفاعل المبعوثين الدوليين واضحا مع عمل المدونة وشكلها السياسي والمدني، خاصة أنه من المعتاد أن تنتهي اللقاءات السياسية المتعلقة بالأزمة السورية إلى صراعات وخلافات وتعميق الفجوات بين الأطراف، لكن في وبعد اجتماع برلين والاجتماعات التي سبقته، كان هدف أعضاء المدونة هو مقاربة الوضع السوري إلى أقصى حد. العقلانية والمنطق والواقعية السياسية، لنقول إن السوريين قادرون على خلق مساحة للتلاقي الفكري والاجتماعي والسياسي وبناء مجتمع سوري حقيقي، وهذا ما يحدث دائماً في أروقة المدونة السورية.

لا تهميش ولا إقصاء هو أحد روح المبادئ الأحد عشر في المدونة التي وقعها الأعضاء منذ سنوات.

إن المبادئ الـ 11 التي اتفق عليها قطاع واسع من السوريين ووقعها الأعضاء لا تزال هي الدليل الذي اتفق عليه جميع الأعضاء، ولعل هذا من أبرز تحديات المسارات السياسية في سوريا. ويعود إلى مجموعة سياسية أو مدنية أن تحافظ على المبادئ لمدة ست سنوات، وهو ما قد يفسر إلى حد كبير اهتمام المبعوثين الدوليين بهذه المدونة، التي حافظت وما زالت تحافظ على بنيتها الأساسية من خلال المبادئ الأحد عشر.

مدونة تغلبت على المطبات

على مدار عقد من الزمن، منذ أن تم تدويل الأزمة السورية في عام 2013، انهارت العديد من التجمعات السياسية والمسارات الدولية، بل وذهبت بعض المسارات الدولية أدراج الرياح. تارة بسبب المسافة بين طرفي الصراع، وتارة أخرى بسبب ملل المجتمع الدولي من أزمة تدور حوله، تجاوزت المدونة مثل هذه العثرات وحافظت على استمراريتها منذ ما يقرب من سبع سنوات. بل في كل مرة يرفع مستوى الحضور الدولي. العام الماضي، وجود وزير الخارجية اليوناني يعد لفتة أوروبية تستحق الاهتمام، وفي عام 2023 يمثل وجود العديد من المبعوثين الدوليين إشارة أكثر تقدماً مقارنة بالعام الماضي وحجم الاهتمام الدولي، مما يشير إلى ثبات ومتزايد. خطوات لهذه المدونة المؤهلة لتكون جسراً بين كافة الخلافات السورية بين أطراف الصراع، بعيداً عن الأجندات السياسية. .

ولعل ما يلفت النظر في هذا المسار، رغم الزخم الغربي الواسع والحضور المتنوع على المستوى الدبلوماسي، هو الغياب العربي الكامل عن هذا اللقاء والاجتماعات السابقة، وهو ما يطرح السؤال: أليس العرب أحق بمثل هذه المسارات ؟ أليست الأوساط السياسية سعوديوم؟ وهل هي الأكثر تفهماً لمثل هذه التطابقات لاعتبارات التاريخ والجغرافيا والتداخل؟ خاصة وأن الأزمة السورية أثقلت كاهل الجميع؛ وفي المقدمة هناك الدول سعوديوم التي لا تزال تحاول إيجاد مخرج آمن للسوريين.

للسعودية دور فاعل وإيجابي في حل القضايا

لكن هل يمكن أن يكون للجامعة سعوديوم أو السعودية (التي كانت لها المبادرة الأولى لإعادة دمشق إلى النظام العربي في قمة جدة في أيار/مايو الماضي) دور في دفع هذه المبادرة لتكون جزءا من الحل في سوريا وفقا للقرارات الدولية؟ ؟

نعم بالطبع لا يزال ذلك ممكنا طالما بقيت الأزمة السورية دون حل، ومن خلال حديث عكاظ مع معظم أعضاء المدونة يتطلع الجميع من كل الاتجاهات إلى البوابة سعوديوم والسعودية بشكل خاص، لما تشهده المملكة من نشاط ودورها الإيجابي في حل القضايا الإقليمية سعوديوم. وفي ظل التوجه السعودي نحو “تصفير المشاكل” في الشرق الأوسط والدفع نحو منطقة آمنة خالية من الصراعات، فربما تكون سوريا منطقة مليئة بالتحديات والتعقيدات، وأي حل لهذه المعضلة سيكون أعظم انتصار سياسي للعربي. السياسة، وبطبيعة الحال، بالنسبة للمملكة سعوديوم السعودية. والتي أصبحت في مكانة متقدمة في العقد الأخير، ومن المؤكد أن المدونة هي أحد العوامل السياسية والاجتماعية التي يمكن من خلالها رؤية النور السوري.




مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى