مشاهد مؤلمة تبدأ 2024 في غزة

عندما أصابت غارة جوية إسرائيلية مبنى سكنيا على بعد أمتار قليلة من المستشفى الكويتي في جنوب غزة، غرقت المنطقة المحيطة، المزدحمة بالناس الفارين من أجزاء أخرى من القطاع، في حالة من الفوضى والدمار.

ونقلت صحيفة “إندبندنت” البريطانية عن الشاب عوض الزين (22 عاماً) الذي كان يجلس بالقرب من المستشفى عندما أصيب بشظايا الانفجار: “لم تكن ضربة جوية عادية”، مضيفاً: “لقد كان مرعبا.”

الرعب الذي يعيشه عوض هو نفسه الذي يشعر به سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة مع بداية العام الجديد، الذي جاء ليبشر بالمزيد من الألم والمعاناة.

الملاذ الامن
وأفاد شهود عيان أن الأشخاص المتواجدين في الشوارع خارج المستشفى ركضوا مذعورين بحثاً عن أي ملاذ آمن، حيث اختبأ بعضهم خلف سيارات الإسعاف، فيما ركض آخرون بلا هدف، دون أن يعرفوا ماذا يفعلون.

كان هناك أب يركض مسرعا حاملا طفله الصغير، فيما انقلبت عربة صغيرة يجرها حمار رأسا على عقب، فتناثرت الإمدادات على الأرض، فيما تم نقل العديد من الجرحى إلى المستشفى وهم يتلوون من الألم.

داخل أروقة المستشفى الكويتي، كان البعض يعالج على الأرض، بينما تزاحم آخرون في مسجد المستشفى، في انتظار الأطباء الذين كانوا ينتقلون مسرعين من مصاب إلى آخر.

ظروف سيئة
وقال المدير الطبي للمستشفى الكويتي جمال الهمص لصحيفة الإندبندنت إن الأوضاع هناك “تدهورت بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة”، مضيفا: “المستشفى ليس لديه القدرة على علاج هؤلاء المرضى بشكل مناسب”.

وتابع: “في بعض الأحيان، نتعامل مع أشخاص لديهم إصابات خطيرة للغاية، مما يضطرنا إلى إخراج المرضى الآخرين من عنابر المستشفى إلى الفناء أو إلى غرف الصلاة، لإفساح المجال لهم”.

وأضاف: “عندما نجد أطفالنا مصابين بجروح خطيرة في الرأس أو الجذع، وعندما يتم إحضار أطفالنا إلى المستشفى على وشك الموت أو الإعاقة الدائمة، فهذا أكثر ما يؤلم الفريق الطبي”. وأضاف: “الطفل البريء الذي كان يجلس في منزله لا علاقة له بالأمر”. ليس له الحق في هذه الحرب أو السياسة أو الأمن أو الجيش”.

أسوأ سنة
قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن 48 فلسطينيا على الأقل استشهدوا في القصف الذي استهدف مدينة غزة ليلة رأس السنة. تم العثور على 18 جثة.

وقال محمد بطيهان، أحد سكان غزة، إن جثث القتلى “متناثرة” في المنطقة التي لجأ إليها، بعد أن ضرب “انفجار” منطقته. وأوضح شهود أن غارة أخرى أدت إلى مقتل 20 شخصا كانوا يحتمون بجامعة الأقصى غرب مدينة غزة.

وقال أحمد الباز (33 عاما) الذي نزح إلى رفح: “2023 أسوأ عام في حياتي. لقد كان عام الخراب والدمار. عشنا مأساة حتى أجدادنا لم يعرفوا عنها. نريد فقط أن تنتهي الحرب وأن نبدأ العام الجديد في منازلنا بوقف إطلاق النار”.

بدورها، قالت أم لؤي أبو خاطر (49 عاما) التي نزحت بسبب القتال إلى مخيم مؤقت للاجئين في رفح أقصى جنوب قطاع غزة: “أتمنى أن تنتهي الحرب قريبا. كفى من هذه الحرب!”. نحن مرهقون تماما. “نحن نتنقل باستمرار من مكان إلى آخر في البرد.”

العقاب الجماعي
لم تهدأ الغارات الجوية الإسرائيلية، ولم تتوقف المعارك البرية في قطاع غزة في اليوم الأول من العام الجديد، فيما يسود اليأس بين سكان القطاع الفلسطيني المحاصر، الذين يعانون من تداعيات الحرب اليومية.

ولا تكفي قوافل المساعدات اليومية التي تدخل القطاع للتخفيف من معاناة السكان، بحسب الأمم المتحدة التي أشارت إلى نزوح أكثر من 85% من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

وحذرت منظمة الصحة العالمية من تزايد خطر انتشار الأمراض المعدية في القطاع.

أعلنت الأمم المتحدة أن غزة “على بعد أسابيع فقط” من الدخول في المجاعة.

ومع احتدام الحرب، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “المعاناة الإنسانية الرهيبة” و”العقاب الجماعي” للمدنيين الفلسطينيين.

حصار المجاعة
وأفادت منظمة الصحة العالمية عن ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض في جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك زيادة بمقدار خمسة أضعاف في حالات الإسهال، فضلاً عن التهابات الجهاز التنفسي العلوي، والتهاب السحايا، والطفح الجلدي، والجرب، والقمل، وجدري الماء.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الحرب ونقص الإمدادات “عرضا 40% من سكان غزة لخطر المجاعة”، في ظل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.

وقصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منطقتي المغازي والبريج وسط مدينة غزة، مما أجبر المزيد من الأهالي على النزوح باتجاه رفح. وأدى القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي إلى استشهاد نحو 22 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب السلطات الصحية في غزة. وأدى القصف والمعارك إلى القضاء على نحو 85% من السكان. واضطر سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى مغادرة منازلهم.

ما ذنب الاطفال؟
وأوضح الهمص أن الأمراض المعدية تنتشر بشكل سريع في رفح، وأن الفريق الطبي في المستشفى الكويتي يتعامل مع أعداد كبيرة من الحالات، بالإضافة إلى علاج المصابين بأمراض طويلة الأمد، مثل مرض السكري وأمراض القلب والسرطان. .

وعن الأوضاع اليومية في رفح، قال الزين: “هذه ليست الحياة. لا نستطيع الاستحمام، ولا يوجد طعام أو شراب، ولا تتوفر أي من الاحتياجات الضرورية. ما ذنب الأطفال؟”

ويقع المستشفى الكويتي في مدينة رفح قرب الحدود مع مصر جنوب قطاع غزة، وهي إحدى المناطق القليلة في القطاع التي لا تخضع لأوامر الإخلاء.

أرقام عن الحرب

  • 21,822 شهيداً
  • 56451 مصابا
  • 8900 مفقود
  • 75% من الضحايا هم من الأطفال والنساء
  • 40% يواجهون المجاعة
  • 1.9 مليون نازح




مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى