نفى سعد زغلول ورفاقه وجلوسه على مقعد رئيس الوزراء.. رأى العقاد – سعوديوم

ونفت السلطات البريطانية الزعيم سعد زغلول ورفاقه إلى جزر سيشل في المحيط الهندي، في هذا الشهر من عام 1921، بعد عدم استجابة أعضاء مؤتمر الصلح في باريس لمطالب الوفد المصري. وعاد المصريون إلى الثورة وازدادت حماستهم، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية.

ونتيجة لذلك، قام الإنجليز بالقبض على سعد زغلول ونفيه إلى جزر سيشل في المحيط الهندي. أصبحت الثورة أكثر سخونة، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة..


وعندما وجدت بريطانيا أن العنف لن يكون فعالا في التعامل مع المصريين، أرسلت لجنة لمراجعة الأوضاع في مصر بقيادة اللورد ميلنر، والتي قاطعها المصريون تماما وواجهوها بكل الطرق، لإجبارها على التفاوض معها. سعد ممثل الأمة..

عاد زعيم الأمة إلى وطنه عام 1923، فاستقبله الشعب كما أحب فقيده الذي قضى أربع سنوات في المنفى ومناضلا في سبيل وطنه. وقاموا بتكريمه بأحسن تكريم، حيث حصل حزب الوفد على 90% من مقاعد البرلمان، وتولى زغلول بعد ذلك منصب رئيس الوزراء.

سعد زغلول قائد الثورة
سعد زغلول قائد الثورة

وبعد قبول سعد لرئاسة الوزراء، تعرض لانتقادات كبيرة، لكن المفكر الكبير عباس محمود كان له رأي في ذلك عندما ذكر في كتابه “سعد زغلول قائد الثورة”. وأشار بعض المنتقدين إلى أن سعد قبل الوزارة ولم يكن عليه أن يقبلها، بل يعهد بها إلى أحد أنصاره وحلفائه. حتى لا يضطر وهو في الوزارة إلى السماح بما لا يسمح به القائد الوطني في حل القضية المصرية. وقد فاتهم هؤلاء أن مجرد التنحي عن رئاسة الوزارة لهذا الغرض يعني الإعلان عن الاستعداد للقبول بأقل من المطالب الوطنية، والقيام بمناورات مصطنعة لتسهيل التخلي عن تلك المطالب. ثم ماذا سيحدث لو كان ذلك مطلوبا؟ الموضوع وافق عليه النواب وسعد رئيس البرلمان؟! ولا ضرر من تجنب سعد رئاسة الوزارة بعد الانتخابات الأولى، لكن الضرر كله يكمن في ذلك التهرب. بل على الزعيم الوطني أن يتنحى عن الانتخابات، أو يتنحى عن منصب رئيس الوزراء إذا تعطلت وسائل الدستور لتحقيق المصالح العامة والمطالب الوطنية، وهو تقدير لا يطالب سعد بتحمله في حينه. فلو كان يعلم الغيب علماً قاطعاً لا يقبل الجدل، لكان عليه أن يقنع الجماهير بما يقتنع به من ذلك، وأن يضعوا أيديهم على الحقيقة بتجربة لا جدال فيها..

إن أفضل مقياس لقياس الخطة هو النظر إلى الخطة التي تناقضها، والذهاب بها إلى جميع نتائجها من أجل الموازنة بين النتائج في الحالتين، ونتائج رفض الانتخابات ورفض الوزارة في الوقت نفسه. وأن الوقت ليس أكثر فائدة وأحق بالاطمئنان من نتائج القبول على أسوأ الفروض..

ومن هنا نعتقد أن سعد كان على حق في قبول الوزارة هذه المرة، وكان مخطئا لو رفضها بأحد تلك الأعذار التي لا يستحق أي منها الاهتمام.


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى