
أصبحت الحرب الإسرائيلية في غزة إحدى أكبر الضربات التي تلقتها رئاسة جو بايدن، وتحولت إلى علامة سوداء كبيرة بالنسبة لشاغل البيت الأبيض، وقد وجه الهجوم الوحشي ضربة لاستراتيجية السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية.
ويتوقع المحلل الاستراتيجي الأميركي بول بيلار، الذي قضى 28 عاما في العمل في المخابرات الأميركية، أن يقوض نتنياهو بايدن بسياسته الدموية، ويحرمه من فرصة البقاء على رأس الإدارة الأميركية، ويؤدي إلى سقوطه الرهيب في السلطة. انتخابات 2024.
وأكد في تحليل نشرته مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية، أن معظم التداعيات السلبية لحرب غزة على الرئيس بايدن كانت من صنعه، بسبب دعمه الفوري وغير المشروط لنتنياهو، رغم القتل والدمار الذي تعرض له القطاع. السكان المدنيين في قطاع غزة.
الكارثة الأكبر
ويرى بول بيلار أن بايدن شريك في خلق أكبر كارثة إنسانية شهدها العالم منذ أكثر من نصف قرن.
كما باءت جميع تحركاته لكبح جماح حكومة نتنياهو بالفشل.
لقد فقد دعم أغلبية قاعدته في الحزب الديمقراطي، الذي يحتاج إلى دعمه النشط للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقبلة.
ومن أبرز تداعيات هذه الأحداث أهمية الضربة التي تلقتها المصالح الأمريكية، والتي أصبحت واضحة بشكل مؤلم مع تزايد الغضب والاستياء ضد الولايات المتحدة.
أصبحت واشنطن معزولة بشكل متزايد في الدبلوماسية الدولية.
وفي الوقت نفسه، يواجه نتنياهو نفسه العديد من المشاكل السياسية الداخلية.
لقد دمر هجوم حماس الصورة التي حاول رسمها على مر السنين على أنه “رجل أمن إسرائيل”. وقد انعكس هذا التدمير للصورة في استطلاعات الرأي التي أجريت بعد هجوم حماس، والتي أظهرت تدهوراً حاداً في شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي وحزبه الليكود.
تجاهل المناشدات
ومن أجل وقف هذا التدهور وإنقاذ موقفه السياسي، يصر نتنياهو على مواصلة حربه الكارثية على قطاع غزة، متجاهلاً المناشدات الأميركية سواء بكبح عملياتها العسكرية، أو الحاجة إلى حل سياسي يسمح للفلسطينيين بتحديد مصيرهم.
وحتى لو لم يتمكن نتنياهو من استعادة صورته السابقة كـ«رجل أمن»، فيمكنه تقديم نفسه على أنه «معارض قوي» لأي محاولة لإقامة دولة فلسطينية.
أما تأثيرات سياسات نتنياهو على السياسة الأميركية الداخلية وإضعافها لموقف بايدن السياسي فهي مكافأة إضافية لنتنياهو.
وسيكون رئيس الوزراء الإسرائيلي سعيدًا إذا رأى دونالد ترامب يهزم بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها في نوفمبر 2024.
ويقول بيلار، الذي عمل مسؤولا عن ملف الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي، إنه على الرغم من أن بايدن انحنى لنتنياهو لإظهار الدعم لإسرائيلي، إلا أن هذا الانحناء لا يقارن بالهدايا التي قدمها الرئيس السابق ترامب لنتنياهو. إسرائيل، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس. مشغول.
تدمير بايدن
ورغم أن الرئيس الديمقراطي يجسد التزام الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالدفاع عن إسرائيل، إلا أن الحزب الجمهوري أصبح، كما وصفه مفاوض السلام الأميركي السابق آرون ديفيد ميلر، حزب «إسرائيل، سواء كانت على حق أم على خطأ».
والتحالف الأكبر الآن ليس بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بل هو تحالف بين الحزب الجمهوري واليمين الإسرائيلي المشارك حاليا في حكومة نتنياهو.
وفي ظل هذه الظروف، يبدو بايدن عرضة للعقوبات السياسية، حيث أن نتنياهو لديه سجل طويل في إحراج بايدن وتدميره.
وبعد ساعات من زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل عام 2010، وإعلانه عن الدعم الأميركي غير المشروط لأمن إسرائيل، أعلنت الحكومة الإسرائيلية، بقيادة نتنياهو آنذاك، عن بناء المزيد من المستوطنات في القدس الشرقية المحتلة.
نتنياهو كذب
وبعد أن أصبح بايدن رئيسا للولايات المتحدة عام 2021، ادعى نتنياهو كذبا، استنادا إلى مقطع فيديو مضلل، أن بايدن نام أثناء لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك نفتالي بينيت.
في نواحٍ عديدة، يجسد بايدن النموذج السياسي الأمريكي القديم.
وفي هذا السياق، كان من الطبيعي أن يلجأ إلى الموقف الافتراضي التقليدي للسياسيين الأميركيين بالابتعاد عن المشاكل، وهو الإعلان عن أنه يحب إسرائيل أكثر من منافس سياسي.
وفي ظل الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، فإن هذا الموقف الافتراضي لا يخدم بايدن جيداً، وسيعجل بخسارته الانتخابات.