
أدرج الجهاز الوطني للتنسيق الحضري اسم الشهيد “السيد زكريا خليل” ضمن مشروع قصة الشارع، حيث تم وضع لافتة أمام الشارع كتب عليها اسمه، لتعريف المارة به، وللتعريف به أن تتعرف عليه الأجيال القادمة.
السيد زكريا خليل، ابن الريف والطين والماء، فقير الوالدين ومعتز بروحه، أغنى الأغنياء، الشهيد الشجاع الذي حاصرته إسرائيل بكتيبة كوماندوز ليلة رمضان حتى يتمكنوا من اقتله. إنه الفتى المجهول الذي لم يعرف أحد بطولته إلا بعد مرور 23 عاماً على رحيله. الفرعون المصري الذي دمر 3 دبابات مع الأعداء وتمكن من قتل 32 إسرائيليا. ورأى تحت جنح الظلام أسد سيناء البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما، بنور الله، الذي حارب الصيام تحت الشمس الحارقة وفي أعماق الصحراء والرمال الحارقة، التاج على رأس الرجولة الابن الصالح لأمه مصر الذي بقي… وقف شامخا في ساحة المعركة ولم يتراجع خوفا ولا يتقدم مستسلما، حتى لقي ربه، واضطر قاتله اليهودي إلى احترموه وادفنوه، وأطلقوا 21 رصاصة في الهواء تكريما وتمجيدا لشجاعته وبسالته. إنه ابن مصر العزيز خير أجناد الأرض “السيد زكريا خليل”.
وترك الشهيد رسالة لأخيه جاء فيها: أخي العزيز أحمد زكريا خليل تحياتي:
أكتب إليكم هذه الرسالة وأنا في ظروف غير عادية. أما إذا استشهدت فلا تحزنوا علي أبداً، لأن لي عند الله منزلة لا يبلغها إلا الأنبياء. قال الله في كتابه العزيز: “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم”. يتم توفيرها.” لقد صدق الله تعالى، وهذا ما أريده من الله عز وجل، وهذا ما أتمناه طوال حياتي. ملاحظة: احتفظ بهذه الرسالة فربما تكون الأخيرة مني إليك، والله أعلم..
كان هذا نص الرسالة الأخيرة التي كتبها السيد زكريا خليل بتاريخ 4 أكتوبر 1973.
أما قصته، فقد رواها قاتله عام 1996، عندما قرر حضور احتفالات مصر بيومها الوطني لتحرير سيناء، بعد 23 عاما من انتصارات أكتوبر 1973. وبينما كان السفير المصري حاضرا، كان رجل أعمال يهودي يعيش في مصر. وتقدمت ألمانيا وطلبت مقابلة السفير لأمر مهم، وعندما جرت المقابلة قدم رجل الأعمال نفسه. أنه مقاتل إسرائيلي في حرب 1973، وأخرج من حقيبته سترة قديمة للجندي سيد زكريا، ورسالة لم يتمكن من إيصالها إلى عائلته. وقال المحارب اليهودي إن البطل سيد زكريا دمر 3 دبابات وقتل طاقمها المكون من 12 جنديا، ثم قضى على سرية مظلات تضم 22 جنديا..
وتابع الرجل قائلاً: اشتبك المجند سيد وأحد زملائه مع مجندين إسرائيليين كانوا يحرسون 3 دبابات، وقتلوهم. ثم أطلق المجندون النار على طاقم الدبابة المكون من 12 جندياً حتى قتلوا جميعهم. مما دفع القوات الإسرائيلية إلى إرسال طائرة مظلية، فأصاب المجند البطل الطائرة بقذيفة. هجوم مباشر أدى إلى قفز الجنود واحدا تلو الآخر، وأطلق الجندي النار عليهم حتى قتلوا جميعا.
ثم أرسل الجيش الإسرائيلي كتيبة صاعقة مكونة من 100 جندي ومروحية لمحاصرة المجموعة المتبقية من المصريين. وأرسلوا نداءات للاستسلام، لكن قائد المجموعة في ذلك الوقت رفض الاستسلام، فاستشهد هو وبقية مجموعته. وبقي السيد زكريا ومجند آخر على قيد الحياة، واستمر المجندان في القتال حتى استشهد أحدهما، وترك السيد يقاتل وحده ليلاً. حتى ظن الأعداء أنهم أمام كتيبة كاملة، فتسلل جندي إسرائيلي إلى سيد من الخلف وأطلق عليه مجموعة من الرصاص في ظهره، مما أدى إلى استشهاده..
ولم يصدق وقتها أنه انتصر على ذلك البطل الملحمي، وتساءل في نفسه عن سبب كل هذه البطولة. وبعد ذلك احتفظ بممتلكات الجندي الشجاع، ودفنه تكريما لشجاعته، ثم أطلق 21 رصاصة في الهواء كتحية عسكرية لكبار المقاتلين العسكريين. وبعد سنوات من الاحتفالات شعر المجند اليهودي… أنه أصبح رجل أعمال في ألمانيا بإهماله لهذا البطل ودفن قصته رغم بسالتها. فقرر الذهاب للقاء السفير المصري وتسليمه متعلقات البطل المصري ومطالبته بإحياء ذكراه. وعندما علمت وسائل الإعلام سعوديوم والأوروبية بقصة ابن الصعيد المصري، أطلقوا عليه لقب (أسد سيناء)، ومنحه الرئيس مبارك وسامًا. الشجاعة من الدرجة الأولى، ووسام نجمة سيناء، وهو أعلى وسام عسكري في القوات المسلحة لمن يقومون بمآثر غير عادية في القتال المباشر مع الأعداء في مسرح الحرب..