
أصبح إبراهيم الحجاج، فنان سعودي، خلال سنوات قليلة، أحد أكثر الأسماء إثارة للاهتمام في المشهد الكوميدي الجديد، لأنه لا يمثل نموذجا لـ”نجم مكتمل”، بل تجسيدا لما يمكن أن نسميه “نقلة نوعية” في الأداء الكوميدي السعودي.
الحجاج ليس ممثلاً عادياً يبحث عن الضحك السريع، بل الضحك الذي ينتج المعنى. فهو يعمل على الشخصية ليس كأداة للضحك، بل كجسد درامي يكتشف هشاشته في لحظة كوميدية، فيحول الفكاهة إلى وعي، والسخرية إلى مرايا.
في كل أداء له، من الشاشة الصغيرة إلى السينما، يمكن ملاحظة حس أدائي يتجاوز العفوية إلى ما يشبه الوعي الأدائي المسرحي. حضور يعرف كيف يلتقط تفاصيل الشخصية ويعيد بنائها بلمسة تنتمي إلى مدارس التمثيل الواقعي المعاصر، حيث السخرية هي المحرك وليس النص.
الحجاج اليوم لا يُصنف ضمن الكوميديين التقليديين الذين يعتمدون على «العاطفة» أو العاطفة. بل هو قريب من فكرة «الممثل الواعي للبنية»، الممثل الذي يدير المشهد داخليًا، ويوازن بين السخرية والعمق، بين الإيقاع الكوميدي والمأساة الخفية. فهو لا يهرب من الحالة الكوميدية، لكنه لا يستسلم لها أيضاً، بل يعيد تعريفها. في هذا التوازن تكمن لمسة القمة، الشعور بأن الفنان قد وصل إلى مرحلة النضج دون أن يفقد شهيته للمغامرة.
اللافت أن هذه اللمسة تأتي في لحظة مفصلية في تطور السينما السعودية وطرقها أبواب العالمية، كما في إسعاف مثلا، حيث تخلق مساحة تسمح للممثل بالتجربة، وارتكاب أخطاء ذكية، وتجاوز النمط المحلي إلى مشهد بصري أوسع.
وفي هذا السياق، يمثل إبراهيم الحجاج نموذجاً لفئة جديدة من الممثلين الباحثين عن هوية أدائية، وصوت مختلف وسط الضجيج والزحام.
ربما لم يصل إبراهيم بعد إلى قمة النجومية الكاملة، لكنه وصل إلى مرحلة حساسة: مرحلة النضج قبل الاكتمال، أو ما يسميه النقاد منطقة الخطر الجميلة.
حيث يقف الفنان بين احتمالات متعددة، إما أن يتحول إلى ظاهرة باهتة، أو يثبت نفسه كعلامة بارزة في جغرافية الأداء الكوميدي العربي.
ولعل جمال تجربته يكمن هنا بالتحديد: فهو لم يبحث عن القمة مجداً، بل لمسها اختباراً للذات، وهذا ما يجعل إبراهيم الحجاج اليوم ليس مجرد نجم كوميدي، بل ظاهرة أداء تعيد تعريف النجومية في المشهد السعودي.
أخبار ذات صلة