
الحرب المجنونة التي تشنها إسرائيل على غزة حرمت أهل القطاع المحاصر من طقوس التشييع التي يحرص عليها المسلمون، إذ لم يعودوا قادرين على دفنهم في المقابر التي امتلأت عن طاقتها، وحتى المشارح أصبحت مزدحمة وسط حزن لا يطاق.
قال سكان مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة إنه لم يكن أمامهم خيار سوى فتح المقابر القديمة لدفن الشهداء الجدد في الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأظهرت صور التقطت في أماكن متفرقة بقطاع غزة، عددا من الجثث متجمعة بجانب بعضها البعض، في وقت لا يعرف أهالي الضحايا أين يمكن دفن ذويهم.
وقال أحد عمال المقبرة إن جثث أكثر من 20 رجلا لم يتم دفنها، حتى يمكن دفن جثث النساء والأطفال بشكل صحيح.
ويتعرض مخيم النصيرات المكتظ بالسكان، والذي يقع على بعد نحو 3 أميال من مدينة دير البلح، لغارات جوية إسرائيلية مختلفة طوال الأسبوع، وانتشر الخوف والذعر في الأيام الأخيرة، مع توسيع إسرائيل توغلها البري وتكثيف عملياتها العسكرية. قصف.
وفي أحد المقاطع، يجلس الناس خارج قسم الطوارئ في مستشفى الأقصى في دير البلح، بالقرب من جثث آخرين قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية.
ارتفعت حصيلة شهداء قطاع غزة جراء الغارات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى 8306 فلسطينيين، بينهم 3457 طفلا، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الاثنين.
ولا يزال ما يقدر بنحو 2100 شخص محاصرين تحت الأنقاض، بحسب وكالة أسوشيتد برس، حيث تعيق الغارات الجوية الإسرائيلية عمال الدفاع المدني وتعرض عناصره للخطر، وقد استشهد أحدهم خلال مهمة إنقاذ.
وأجبرت المشارح المكتظة المستشفيات على دفن الأشخاص قبل أن يتمكن أقاربهم من استعادة جثثهم. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن محمد أبو سلمية، مدير عام مستشفى الشفاء، قوله إن حفار القبور وضعوا عشرات الجثث مجهولة الهوية جنبًا إلى جنب في حفرتين كبيرتين بمدينة غزة، حيث يوجد الآن 63 و46 جثة على التوالي.
وتطالب الآن وزارة الأوقاف في غزة، المسؤولة عن الشؤون الدينية، بسرعة الدفن والسماح بحفر مقابر جماعية بسبب “كثرة أعداد القتلى وقلة المساحة المتاحة”.
وتقول السلطات إن كل محافظة في غزة بها مقبرتان جماعيتان على الأقل، بعضها يضم أكثر من 100 شخص.